بالطبع جميعنا يعرف طلعت حرب، ويعرف ماذا قدم الرجل الملقب بأبو الاقتصاد المصرى، من مشروعات عمالقة، ما زالت تعطى الكثير والكثير لصالح مصر، ولعل أبرزها بنك مصر.
محمد طلعت حرب باشا، والذى تحل اليوم ذكرى رحيله الـ77، إذ رحل فى 13 أغسطس 1941م، عن عمر ناهز 73 عاما، كانت له بجانب إسهاماته الاقتصادية مواقفه الوطنية العظيمة، العديد من المساهمات الأدبية والثقافية، ولعل أبرزها معارضته الشهيرة لكتابات وأفكار قاسم أمين والتى جعلته يصدر كتابا ليرد على أفكار ورؤى قاسم الذى طرحها فى كتابه، وكان له مواقف حاسم من قضايا المرأة.
ووفقا لما ذكرته الكاتبة رباب كمال فى كتابها "دولة الإمام.. متى تخلع مصر عمامة الفقيه"، إن الخصومة بين قاسم أمين وطلعت حرب، ظهرت عام 189، بعد صدور كتاب الأول "تحرير المرأة" فرد عليه طلعت حرب بكتاب "تربية المراة والحجاب"، فجاء فى الكتاب الأخير أن الناس يرفضون أفكار قاسم أمين لأن رفع الحجاب والاختلاط أمنية تتمناها أوروبا منذ قديم الأزل لهزيمة مصر من خلال تحرر نساؤها، وتابع طلعت حرب فى كتابه قائلا: "أسمينا الكتاب تربية المرأة والحجاب، وهو اسم كنا نتمنى أن يجعله حضرة قاسم بك أمين عنوانا لكتابه فإنه أليق من اسم تحرير المرأة".وساند "حرب" فى خصومته لقاسم، الزعيم مصطفى كامل حيث أثنى عليه فى مقال له فى جريدة اللواء عام 1900.
وتوضح الكاتبة بأن طلعت حرب أيضا تحدث عن عدم مساواة الرجل والمرأة، قائلا: إن الأديان السماوية نفت هذه المساواة، وأستشهد بنصوص من التوراة والإنجيل والقرآن، ليؤكد قوامة وسيادة الرجل على النساء مفهوم ربانى، كما تحدث أن للمرأة أعمالا أخرى غير رجل لا تقل أهمية فبينما هو يسعى ويكد ويشقى ويتعب ليحصل على رزقه، ترتب له المرأة بيته وتنظيف له فرشه، وتجهز له أكله، وتربى له أولاده، وتلاحظ له خدمه، وتحفظ عينه عن المحارم.
لكن رباب كمال، ذهبت فى كتابها إلى المراجعات الفكرية لطلعت حرب، مشيرة إلى بعد نحو 30 عاما من تلك المعركة الفكرية مع "أمين" اختلف رأيه وسارت كل أفعاله عكس اتجاه ما يقول، فكان أول الداعمين للسيدة لطيفة النادى، أول سيدة تقود طائرة وتحلق بها وخدها عام 1933، بل وبدأ اقتحام عالم التمثيل والسينما عام 1925، لاعتقاد بأن الفنون صناعة وطنية أصيلة، وإنشاء استديو مصر عام 1934 لينتج عددا من الأفلام الكلاسيكية المصرية أهمها فيلم وداد لكوب الشرق أم كلثوم.
وبحسب الكتاب، فيبدو أن طلعت حرب أدرك بعد ثلاثة عقود، ألا يمكنه بناء مجتمع ونصف طاقته معطلة، وبعدما كان ينظر للمرأة على خلعها حجابها وعلما انتصار للاستعمار، راهن على المرأة وأوفد بعثات دراسية لأوروبا لتعلم فن الإخراج وصناعة السينما.