فى العالم العربى العديد من القادة والزعماء الذين كتبوا أسماءهم بحروف من النور فى ذاكرة البطولة العربية، محافظين على عليائهم فى قلوب كافة شعوب المنطقة، التى صعدت فى تمجيدها لهم عنان السماء، لما قاموا به من بطولات وتضحيات كبيرة من أجل مسيرة أفضل لبلدانهم وشعوبهم.
ومن بين هؤلاء الذين تظل سيرتهم مخلدة فى تاريخ القومية العربية والإسلامية البطل والزعيم الليبى عمر المختار، هذا البطل الذى قدم بطولات أرهق خلاها المحتل الإيطالى، وعلى الرغم من أن الرجل بدأ جهاده وهو شيخ فى الثالثة والخمسين من عمره، إلا أنه استطاع الاستمرار لأكثر من 20 عاماً يقود المعارك، حتى وقع "أسد الصحراء" أسيرا فى يد الجنود الطليان، لتتم محاكمته ويتم تنفيذ حكم الإعدام فيه فى صباح 16 سبتمبر 1931.
الشهيد عمر المُختار لقب بالعديد من الألقاب منها، شيخ الشهداء، وشيخ المجاهدين، وأسد الصحراء، وهو قائد أدوار السنوسية فى ليبيا، وأحد أشهر المقاومين العرب والمسلمين عبر التاريخ، وينتمى إلى بيت فرحات من قبيلة منفة الهلالية التى تنتقل فى بادية برقة.
لم يلقب المختار بألقابه البطولية من فراغ، فهو سيد الشهداء الذى لم يتنازل عن كبريائه وموقفه من العدو الإيطالى حتى وهو على مقصلة الإعدام، وشيخ المجاهدين الذى ظل يحارب وهو فى السبعين من عمره بلا توقف حتى تم القبض عليه، أما لقبه أسد الصحراء فغير ما قام به الرجل من بطولات فى صحراء ليبيا جعلته يظهر فى مخيلة الأعداء الطليان على أنه شبح أو أسد لا يقهر.
يوضح كتاب كتاب "عمر المختار" للمؤلف والمؤرخ الليبى محمد الطيب بن إدريس الأشهب واقعة تكشف أنه وبحق أسد للصحراء العربية، ويحكى الكاتب، والذى تحل اليوم ذكرى رحيله الـ87، عن واقعة عاصرها للزعيم الليبى، حيث كانوا فى قافلة بالصحراء، وما أن انحرف سير القافلة إلى أحد المضايق فوجئ الجميع بأسد يتطلع إليهم، حتى إن أحدهم قال خوفا، "أنا مستعد أن أتنازل عن بعير من بعيرى ولا تحاولوا مشاكسة الأسد".
ويضيف الأشهب، "وانبرى السيد عمر المختار ببندقيته فرمى الأسد بالرصاصة الأولى فأصابته، ولكن فى غير مقتل، واندفع الأسد يتهادى نحونا فرماه بأخرى صرعته، وارتبكنا جميعا خوفا.. وأصر عمر المختار على أن يسلخ جلده ليراه غيرنا من أصحاب القوافل، فكان له ما أراد".