صدر عن سلسلة الإبداع العربى التى تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب، ويرأس تحريرها الشاعر سمير درويش، ديوان "يوميات الرماد" للشاعر اليمنى الدكتور مبارك سالمين. ويرصد فيه تجليات الحرب الدائرة فى اليمن بشكل عام، وفى عدن، مدينته التى ولد وعاش فيها، بشكل خاص، فيصف المآسى التى يتعرض لها الناس تحت الدمار، والشهداء والموت وآلامه، والقصف اليومى الذى لم يترك زهرة إلا وأدها.
ينقسم ديوان "يوميات الرماد"، الذى يتكون من حوالى 90 صفحة، إلى قسمين، الأول والأكبر كتبه الشاعر عن عدن وناسها وشهدائها وشوارعها ونجومها ولياليها ونهاراتها، عدن التى صمدت تحت نيران المدافع وقاذفات الطائرات. والجزء الثاني، الأقل، أعطى له الشاعر اسم "قصائد مصرية"، وهو الوجه الآخر للحرب، حيث الشاعر مغتربًا فى شوارع القاهرة، يخالط المثقفين والبوابين والبائعين المتجولين، الرجال والنساء، ويرتاد المقاهى والبارات، يعيش فى بنسيونات وسط القاهرة ويتجول فى مدن الصعيد، ليقدم لنا تجربة مكمِّلة لتجربة الحرب.
تنتمى قصائد الديوان إلى "قصيدة النثر"، لكن الشاعر –الذى بدأ بكتابة العمود الشعرى والتفعيلة- بدا أكثر جرأة فى التخلى عن الموروث الجمالى للشعر العربي، فبدت قريبة من السرد العادى فى كثير من الأحيان، أو الذى يظن القارئ أنه عادي، فتخلص من حمولات البلاغة القديمة وقدم مشاهد حية تليق بالحدث الصاخب الذى يكتب عنه.
يقول مبارك سالمين فى قصيدة "قصيدة الوقت": "أنا سليل الوقت/ مرّة علقته فى الجدار/ وأخرى على معصمى/ كم مرّة جزأته رهطًا من الساعات والأيام/ كم مرّة تركته ورائى ومرة أمامي/ وتحايلت عليه وسمّيته برهة أو لحظة/ كم مرة بين حنايا العشق/ كان الوقت مثل أبى، يضع يديه على كتفى فأطمئن./ كم مرة قد كان صادقًا معى كأمّي/ تلك التى ترش عطرها على مخدّتى لكى أنام/ كم مرة يمشى معي/ كم مرة قابلنى فى المنتصف ومره ومرة/ لكنه اليوم يغزو جميع الحواس/ ويرفع سلطانه فوق عرش الحياة".