كتاب "الانهيار" لـ"آيما سكاى": أمريكا صانعة كل الشرور فى الشرق الأوسط

كانت العراق فى سنة 2003 على موعد لتدفع ثمن الكثير من أخطاء الآخرين، فبعد أحداث 11 سبتمبر 2001 والتى تعرضت فيها أمريكا لحادث تفجير برجى التجارة العالمى، وبعدها اتهمت إدارة الرئيس بوش العراق بأنها تملك أسلحة دمار، وقادت حملة كبيرة لإقناع العالم بمحاربة نظام صدام حسين وكانت النتيجة تشرد الكثير من العراقيين وضياع دولة العراق التى مازالت تدفع الثمن حتى الآن.

وقدمت الكتابة آيما سكاى مديرة مركز أعضاء جامعة ييل العالمى، كتابها "الانهيار.. آمال عريضة وفرص ضائعة فى العراق"، والكتاب مرشح لنيل جائزة "أورويل البريطانية لعام 2016، ومعه 12 كتابا تتناول مختلف القضايا السياسية الدولية ومنها ما يتعلق بأزمة سوريا وبثورات مصر.

وجاءت فكرة الكتاب بعدما تطوعت آيما سكاى فى إعادة بناء العراق بعد الإطاحة بصدام حسين فى عام 2003، وبالفعل ذهبت إلى العراق لمدة ثلاثة أشهر، واستطاعت "سكاى" أن تسرد وجهات نظر لا مثيل لها، متخطية كبار العسكريين والشخصيات الدبلوماسية، حيث إنها تمكنت من رصد معلومات وجوانب معرفية فى المنطقة، وأصبح لديها صوت مسموع معبر عن الأحداث التى لحقت بهذه المنطقة من العالم. وحرصت الكاتبة "سكاى" على أن تصبح شاهدا دؤوبا على الجهود الأمريكية التى تمثل الديكتاتورية المتوحشة التى نتج عنها التمرد وإشعال الحروب الأهلية التى تصاعدت ونمت من خلالها التنظيمات الإرهابية مثل "داعش" التى انتشرت باسم الدين واستولت على ثلث البلاد. وتناولت الكاتبة "سكاى" فى كتابها "الانهيار" بعض من مظاهر الفوضى التى عمت العراق بعد الغزو الأمريكى ،‮ ‬منها على سبيل المثال مشهد طفو الجثث العراقية فى نهر دجلة، وعن تحول الأطفال من ذوى الإعاقات الذهنية إلى انتحاريين، وتحويل المآتم فى كثير من الاحيان لتكن هدفا لشن الهجمات، واستخدام الحيوانات الميتة لإخفاء القنابل على جوانب الطريق.

كما يقدم الكتاب وصفا شاملا عن تحديات الاحتلال الأمريكى فى مدينة كركوك، كما أنها تبين تعاملها مع الأكراد والعرب السنة والشيعة والتركمان، موضحة أن الجميع يعيشون فى انعدام الثقة المتبادلة. ويبين الكتاب، الجهود المبذولة لدمج عشرات الآلاف من المتمردين السنة مع قوات الأمن لتحقيق‮ "‬المصالحة‮"‬، وهى خطوة وافق عليها مستشارو رئيس الوزراء العراقى السابق نورى المالكى،‮ ‬فى حين عارضها. كما توفر "سكاى" رؤية فريدة من نوعها عن الجيش الأمريكى بما تحمله من تفاصيل حادة تحمل تعقيدات وتنوع وتعاطف، بجانب أنها تلقى الضوء على تطور المجتمع العراقى، كما أنها تصنف الأوضاع العراقية فى كتابها بأنها أعظم كارثة استراتيجية تواجهها الولايات المتحدة بداية من تأسيسها‮. واستعرضت الكاتبة "سكاى" تحليلا عميقا وفريدا عن مسار الحرب، ولماذا فشلت المغامرة فى العراق وسلطت الضوء على فشل سياسات الجمهوريين والديمقراطيين والدروس التى يجب تعلمها حول قيود السلطة.