منذ 10 سنوات بالتمام والكمال رحل أحد أبرز الكتاب العرب هو "الطيب صالح" المولود فى 1929، تاركا خلفه مساحة كبيرة من الفراغ الذى يمثله امتزاج الإنسانية بالكتابة، ومخلفا العديد من الكتابات تظل أبرزها رواية "موسم الهجرة إلى الشمال".
ولأن الطيب صالح سافر مبكرا إلى "لندن" بعد دراسته للعلوم فى الخرطوم، وهناك فى جامعة لندن درس العلوم السياسية وعمل فى القسم العربى بالإذاعة البريطانية فقد ربط الكثيرون بينه وبين "مصطفى" بطل روايته الشهيرة "موسم الهجرة إلى الشمال" الذى ذهب إلى لندن أيضا، وهناك عانى من صراع الشرق والغرب.. لكن هل كتب الطيب صالح جزءا من سيرته فى هذا العمل حق؟
فى حوار أجراه محمد صالح الشنطى نشر فى عام 2009 بجريدة الدستور العمانية سأله بشكل مباشر:كثيرون من القراء يعتقدون بأن الكاتب هو بطل روايته، وأنَّ الرواية ما هى إلاّ صياغة فنيّة لتجارب ذاتيّة. ما مدى انطباق هذا الكلام على بطل "موسم الهجرة؟".
وأجاب الطيب صالح: "الكاتب موجود فى كلّ ما يكتب دون شك، إلا إذا قال لك منذ البداية إن هذه هى ترجمة ذاتيّة، أعتقد أنه لا يوجد شخص داخل الرواية هو بمثابة ممثل لى، وكما قلت فى مناسبات أخرى إننى قدّمت شخصيات كثيرة، ولا أدرى لماذا انصبَّ الاهتمام على هذه الشخصيّة بالذات (مصطفى)؟، الكاتب موجود فى ما يكتب بمعنى نظرته الكليّة للعالم الذى يصوره، بإحساسه بالأشياء، وهذا موزَّع فى كلّ العمل، وليس فى شخص واحد، توجد وجوه شبه ظاهريّة بينى وبين شخصيّة بطل "موسم الهجرة"، لكنها وجوه شبه تنطبق على عشرات الآلاف من العرب، أقول لك مخلصًا بأننى لم أقدًّم نفسى كشخصيّة فى هذه الرواية".