كشفت صحف ووكلالات إخبارية، نقلا عن "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، أن الوفد الروسى الذى زار سوريا مؤخراً غادر وهو يحمل تابوتاً يضم رفات الجاسوس الإسرائيلى إيلى كوهين، الذى أُعدم فى دمشق سنة 1965.
الجاسوس الإسرائيلى إيلى كوهين تم ضبطه فى دمشق بعد 4 سنوات من التجسس لصالح تل أبيب نجح خلالها فى الحصول على معلومات مهمة.
ولد إيلى كوهين 26 ديسمبر 1924 فى الإسكندرية وهو من أصل سورى.
وفى عام 1949 هاجر والدا إيلى كوهين وثلاثة من أشقائه إلى إسرائيل، بينما تخلّف هو فى الإسكندرية، وعمل تحت قيادة (إبراهام دار) وهو أحد كبار الجواسيس الإسرائيليين الذى وصل إلى مصر ليباشر دوره فى التجسس ومساعدة اليهود على الهجرة وتجنيد العملاء، واتخذ الجاسوس اسم جون دارلينج وشكّل شبكةً للمخابرات الإسرائيلية بمصر نفذت سلسلة من التفجيرات ببعض المنشآت الأمريكية فى القاهرة والإسكندرية بهدف إفساد العلاقة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية.
وعام 1954 تم إلقاء القبض على أفراد الشبكة فى فضيحة كبرى عرفت حينها بـ"فضيحة لافون"، وبعد انتهاء عمليات التحقيق، وكان إيلى كوهين تمكن من إقناع المحققين ببراءة صفحته إلى أن خرج من مصر عام 1955، حيث التحق هناك بالوحدة رقم 131 بجهاز الموساد ثم أعيد إلى مصر لكنه كان تحت عيون المخابرات المصرية التى لم تنس ماضيه فاعتقلته مع بدء العدوان الثلاثى على مصر فى أكتوبر 1956.
وعام 1957 وبعد الإفراج عنه هاجر إلى إسرائيل واستقر به المقام محاسباً فى بعض الشركات وانقطعت صلته مع الموساد لفترة من الوقت، لكنها استئنفت عندما طرد من عمله وعمل لفترة كمترجم فى وزارة الدفاع الإسرائيلية، ولما ضاق به الحال استقال وتزوج من يهودية من أصل عراقى عام 1959، ورأت المخابرات الإسرائيلية فى كوهين مشروع جاسوس جيد فتم إعداده فى البداية لكى يعمل فى مصر، لكن الخطة ما لبثت أن عدلت، ورأى الموساد أن أنسب مجال لنشاطه التجسسى هو دمشق تحت اسم (كامل أمين ثابت) وبدأ الإعداد الدقيق لكى يقوم بدوره الجديد، ولم تكن هناك صعوبة فى تدريبه على التكلم باللهجة السورية، لأنه كان يجيد العربية بحكم نشأته فى الإسكندرية وكان طالباً فى جامعة الملك فاروق وترك الدراسة فيها لاحقاً.
وتم تدريبه على كيفية استخدام أجهزة الإرسال والاستقبال اللاسلكى والكتابة بالحبر السرى كما راح يدرس فى الوقت نفسه كل أخبار سوريا ويحفظ أسماء رجالها السياسيين والبارزين فى عالم الاقتصاد والتجارة، مع تعليمه القرآن وتعاليم الدين الإسلامى.
وفى سبتمبر 1962، صحبه أحد أصدقائه فى جولة داخل التحصينات الدفاعية بمرتفعات الجولان. وقد تمكن من تصوير جميع التحصينات بواسطة آلة تصوير دقيقة مثبتة فى ساعة يده أنتجتها المخابرات الإسرائيلية والأمريكية. ومع أن صور هذه المواقع سبق أن تزودت بها إسرائيل عن طريق وسائل الاستطلاع الجوى الأمريكية، إلا أن مطابقتها مع رسائل كوهين كانت لها أهمية خاصة سواء من حيث تأكيد صحتها، أو من حيث الثقة بمدى قدرات الجاسوس الإسرائيلى.
وفى عام 1964، زود كوهين قادته فى تل أبيب بتفصيلات وافية للخطط الدفاعية السورية فى منطقة القنيطرة، وفى تقرير آخر أبلغهم بوصول صفقة دبابات روسية من طراز ت-54 وأماكن توزيعها وكذلك تفاصيل الخطة السورية التى أعدت بمعرفة الخبراء الروس لاجتياح الجزء الشمالى من إسرائيل فى حال نشوب الحرب، وازداد نجاح كوهين خاصة مع إغداقه الهدايا على مسؤولى حزب البعث.
وفى عام 1965، وبعد 4 سنوات من العمل فى دمشق، تم الكشف عن كوهين عندما كانت تمر أمام بيته سيارة رصد الاتصالات الخارجية التابعة للأمن السورى، وعندما ضبطت أن رسالة مورس وجهت من المبنى الذى يسكن فيه حوصر المبنى على الفور، وقام رجال الأمن بالتحقيق مع السكان ولم يجدوا أحداً مشبوهاً فيه، ولم يجدوا من يشكّوا فيه فى المبنى، إلا أنهم عادوا واعتقلوه بعد مراقبة البث الصادر من الشقة.