عندما وقع حريق كنيسة نوتردام انشغل الناس بتاريخها وما يتعلق بها وانصب معظم الحديث حول رواية "أحدب نوتردام" رائعة فيكتور هوجو، كذلك حظى مااحتوته الكنيسة من إرث مسيحى وإنسانى كبير على كثير من الاهتمام، بينما لم يشر أحد لدورالكنيسة التاريخى مع الفلسفة، خاصة موقفها من الفيلسوف المسلم ابن رشد.
وكتب الدكتور أشرف منصور، أستاذ الفلسفة بجامعة الإسكندرية، فى تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" أنه كلما كتب عن كاتدرائية نوتردام بباريس ركز على تاريخها، وعلى أن فيكتور هوجو خلدها فى روايته أحدب نوتردام، وذكر بعض المتعصبين الشامتين أن الحروب الصليبية قد تمت الدعوة إليها من هذه الكاتدرائية. لكن لم يذكر أحد صلتها بالفلسفة وخاصة بابن رشد. "ما سأقوله هنا هو معلومة تاريخية فقط، ليس المقصود منها أى شىء غير توضيح صلتها بتاريخ الفلسفة".
وأضاف "منصور" فى هذه الكاتدرائية قام أسقف باريس إتيان تومبييه سنة ١٢٧٧ بتحريم وإدانة فلسفة أرسطو وابن رشد، بإيعاز من البابا، لقولها بقدم العالم ووحدة العقل لدى كل البشر مما يعنى إنكار الخلود الفردي، والحتمية الطبيعية التى تم فهمها على أنها إنكار لإرادة الله وللمعجزات، كان أسقف باريس يواجه بهذه الادانات والتحريمات تيار الرشدية الذى انتشر فى جامعة باريس فى ذلك الوقت، بعد وفاة ابن رشد بأقل من قرن (توفى ابن رشد ١١٩٨)، وهى نفس المسائل التى كفر فيها الغزالى الفلاسفة فى كتابه "تهافت الفلاسفة" سنة ١٠٩١.
وتابع: "كاتدرائية نوتردام مهمة جدا فى تاريخ الفلسفة وخاصة فى تاريخ الرشدية اللاتينية، والحريق الأخير بها هو خسارة فادحة للإنسانية".
وكان الدكتور أشرف منصور، ذكر من قبل فى مقال بعنوان "ابن رشد وسبينوزا وعصر التنوير الأوروبى" نشر بموقع "الحوار المتمدن" أن فى سنة 1277 أصدر أسقف باريس إتيين تومبييه Etienne Tempier قراراً بتحريم ثلاثة عشرة قضية رشدية كانت منتشرة فى ذلك الوقت، وقد أرسلها إلى القديس ألبرت أولاً كى يفحصها ويقول رأيه فيها. ومن أهم القضايا التى لفتت نظرنا، الآتية:
• لا يوجد إلا عقل واحد (لكل الجنس البشري) مما يعنى أنه ليس هناك بعث لنفوس الجزئية.
• إن إرادة الإنسان تريد وتختار تحت سيطرة الضرورة.
• أن العالم قديم
• أن النفس التى هى صورة الإنسان كإنسان تفسد بالموت
• أن النفس لا يمكنها أن تتعذب بالنار المادية بعد الموت
• أن الله لا يعرف الجزئيات
• أن الله لا يعرف شيئاً إلا ذاته
• أن الأفعال الإنسانية لا تخضع للعناية الإلهية.