تمر اليوم ذكرى إعدام الجاسوس الإسرائيلى الشهير إيلى كوهين فى سوريا يوم 18 مايو من عام 1965، بعدما تم كشفه التحقيق معه. وقد تناولت كتب كثيرة قصة حياة إيلى كوهين وعمليته التجسسية، ومن ذلك كتاب "عندما يغيب القمر عن برلين" لـ رولا عبيد، والصادر عن دار بدائل للنشر.
يقول الكتاب: كان إلياهو أو إيلى كوهين قد ولد فى الحى اليهودى فى الإسكندرية فى 16 ديسمبر 1924 بعد أن هاجر أبوه شاؤول وأمه صوفى كوهين من حلب إلى مصر. كان والده يملك فى الإسكندرية محلا لبيع رباطات العنق. وكان أبا لثمانية أطفال أنشأهم تنشئة دينية تلمودية.
درس إيلى فى مدرسة الليسيه، وكان يتحدث اللغة العبرية والفرنسية والعربية، وأظهر اهتماما بالديانة اليهودية فى سن مبكرة فألحق بمدرسة الميمونيين بالقاهرة، ثم عاد إلى الدراسات التلمودية فى الإسكندرية تحت رعاية الحاخام موشة فينتورا حاخام الإسكندرية.
لفت إيلى نظر الجمعيات اليهودية وكانت كثيرة فى ذلك الوقت قبل الثورة فى مصر وعن طريق الجمعيات الدينية اقترب إيلى من مجالات النشاط الصهيونى السياسى فى مصر، لكن لم يظهر له نشاط مؤثر. وفى ديسمبر سنة 1956، فى أعقاب حرب السويس مباشرة كان على إيلى كوهين أن يغادر مصر نهائيا، وختم جواز سفره بتأشيرة بلا عودة.
وسافر إيلى كوهين بالباخرة من الإسكندرية إلى نابولى ومنها استقل باخرة ثانية إلى ميناء حيفا، وهناك التقطته المخابرات الإسرائيلية وجندته فى البداية فى إطار الأمن الداخلى ضد التجسس العربي. وفى بداية سنة 1960 رشحه أحد كبار المسئولين فى الموساد للعمل فى الخارج. وفى تلك الفترة كان إيلى كوهين يريد العودة إلى مصر والعمل فيها لحساب الموساد على أساس أنه من مواليدها وهو أخبر بها من غيره بين زملائه فى الموساد. ولكن مدير الموساد فى ذلك الوقت كان له رأى آخر. فقد اقترح إرسال إيلى كوهين إلى سوريا بعد تأهيله لكى يذهب إليها مليونيرا من أصل عربى عائدا إلى وطنه بعد أن كون ثروة طائلة فى الأرجنتين.
تم تجهيزه وتدريبه على كيفية استخدام أجهزة الإرسال والاستقبال اللاسلكى والكتابة بالحبر السرى. كما راح يدرس فى الوقت نفسه كل أخبار سوريا ويحفظ أسماء رجالها السياسيين والبارزين فى عالم الاقتصاد والتجارة مع دراسة القرآن وتعاليم الدين الإسلامى.
وقبل أن يصل إلى دمشق كان يعرف كل شبر من حى أبو رمانة عن طريق المواقع الافتراضية. وكان قد حدد مكان إقامته قبل أن يصل. فوجوده فى أبو رمانة، حيث تتواجد أغلب السفارات، سيمكنه من بث رسائله دون لفت الأنظار. كانت شقته تطل على وزارة الدفاع والمكتب الثانى بشكل خاص حيث تجتمع القيادات. فما أن يرى إضاءة الطابق ليلا مضاءة حتى يتنبه إلى وجود حالة طارئة من الجيش مثل الإعداد لعملية عسكرية ضد أهداف فى إسرائيل أو انقلاب عسكرى داخل البلاد.
أصبح الجاسوس الإسرائيلى ضيفا مدللا على الدوام لدى أعلى مستويات القيادة السياسية والعسكرية فى سوريا. وبدأت رسائله إلى قيادة الموساد. وكان إيلى يدعى إلى كل حفلات النخبة الحاكمة فى دمشق ونواديها، ويشترك فى كثير من المناقشات السياسية والاقتصادية. وظل كذلك حتى سقوطه والحكم عليه بالإعدام فى ساحة المرجة فى وسط دمشق فى 18 مايو 1965.