"قال لى مزارع ذات مرة: إذا كنت تريد تدمير مخزن للغلال، اصنع ثقبًا بقطر 20 سنتيمترًا مربعًا فى السقف، ثم ابتعد عن المكان"، من خلال هذه الحكاية يتخيل آلان فايسمان، كيف سيقضى الإنسان على نفسه حتى ينتهى من على وجه الأرض تماما وتصبح الطبيعة بأشجارها وجمادها وحيوانتها هى سيدة هذا العالم الذى لم نكن نظن أبدا أن نتركه، لكن المؤلف يتساءل كيف سيصبح هذا العالم حينها؟
يقول آلان فايسمان فى كتابه (العالم من دوننا) ترجمة أمين الأيوبى والصادر عن الدار العربية للعلوم ناشرون "قبل جيل مضى، نجا البشر من الإبادة النووية بأعجوبة، وسنستمر فى تفادى ملاقاة هذا المصير وغيره من الخيارات المرعبة، لكننا غالبا ما نجد أنفسنا الآن نتساءل عما إذا تسببنا، من دون قصد، فى زرع السموم فى كوكبنا أو فى تدميره، بما فى ذلك تدمير أنفسنا، كما أننا استخدمنا المياه والتربة وأسأنا استخدامهما إلى حد أنه قل ما هو متوافر من كل منهما بدرجة كبير، وتسببنا فى زوال آلاف الكائنات الحية التى من المرجح أننا لن نراها مرة أخرى، وتحذر بعض الأصوات المحترمة من أن عالمنا يمكن أن يؤول إلى شىء شبيه بعقار فارغ، تعيش فيه الغربان والجرذان بين أعشابه الضارة، يبحث كل منهما عن الآخر من أجل افتراسه".
والكتاب يتخيل أول يوم تعيشه الأرض بعد زوال البشر، حيث تتولى الطبيعة زمام الأمور، وتبدأ على الفور بتنظيف المنازل التى عاش فيها الناس، وتمسحها من وجه الأرض بحيث لا يعود لها وجود، ثم تواصل الطبيعة بعد أن نختفى انتقامها من اعتدادنا بأنفسنا، وتفوقنا الآلى، وذلك عبر الماء والبداية بالأبنية الخشبية.
ويكشف الكتاب الطرق الكارثية التى ستبدأ الطبيعة بها فى إخفاء آثارنا تماما، وكيف أن الفيضانات فى أنفاق نيويورك ستبدأ، بعد أيام قليلة من اختفاء البشر بتعرية أساسيات المدينة وكيف أن الغابات الأسفلتية ستفتح المجال، بعد أن تتداعى المدن فى العالم أمام نمو غابات حقيقية.
وستتحول المزارع المعالجة بالمواد الكيميائية والعضوية إلى برية وكيف ستتكاثر المليارات من الطيور وكيف أن الصراصير فى المدن التى تخلصت من الاحتباس الحرارى ستفنى بدوننا.
ويحكى الكتاب أنه فى عام 1996 تخيلت الصحفية اللندنية لورا سبينى، أن مدينتها هجرت بعد 250 عاما من الآن، وعادت مستنقعا كما كانت فى السابق، وأن نهر التايمز المتحرر من القيود يجرى بين الأساسيات الخشبية للمبانى المنهارة.
ويزعم المؤلف أنه بعد انتهاء البشر سوف تمتلئ مزارع أوروبا بالأعشاب والترمس والشوك واللفت والخردل البرى وفى غضون بضعة عقود سوف تنتشر أشجار السنديان سريعا فى الحقول الحمضية السابقة التى كانت تزرع فيها محاصيل القمح والشعير، وسوف تنتشر الخنازير البرية، والقنافذ أما الذئاب ستنتقل من رومانيا وقطعان الرنة من النرويج وتتحرك حسب حالة الجو.