ترى دولة الكيان الصهيونى "إسرائيل" أنها الأحق بالاحتفاظ بتراث أى أديب أو عالم يهودى بغض النظر عن بلاده الأصلية، على اعتبارها إنها الوطن الأم لكل يهودى العالم.
وقد تحقق مراد إسرائيل بعدما استلمت السلطات الإسرائيلية 5 آلاف وثيقة ومستند ترجع للأديب التشكيى الكاتب الشهير فرانز كافكا، وصديقه ماكس برود، تضم محتويات الوثائق بطاقة بريدية لفرانز كافكا تعود لعام 1910، ووثائق شخصية ظلت محفوظة لدى ماكس برود، ووصف الخبراء هذه الوثائق بأنها نافذة للمشهد الأدبى والثقافى فى أوروبا فى أوائل القرن العشرين.
وتمر اليوم الذكرى الـ95، على رحيل فرانس كافكا، إذ رحل فى 3 يونيو عام 1924، عن عمر ناهز حينها 41 عاما، وهو كاتب تشيكى يهودى كتب بالألمانية، يعد أحد أفضل أدباء الألمان فى فن الرواية والقصة القصيرة، ولد لعائلة ألمانية من الطبقة الوسطى تنحذر من أصول يهودية أشكنازية.
منذ سنوات، قامت محكمة الأسرة فى تل أبيب بإطلاق حكم يقضى بنقل إرث كافكا الأدبى وصديقه ماكس برود إلى المكتبة الوطنية الإسرائيلية، والسبب الذى أعلنته المحكمة هو أنها تود بفعلها هذا تحقيق أمنية برود بنشر كتابات صديقه فى إسرائيل، ونقلها للعبرية لكل محبّيه هناك.
وبحسب عدد التقارير القصة ينظر الإسرائيليون بشكل عام إلى كافكا وأدبه باعتباره ملكًا لهم، ومخلصا للصهيونية وأدبها، والسبب فى ذيوع وانتشار هذا الادعاء بأن كافكا صهيونى هو وأدبه، يرجع إلى ماكس برود، صديقه المقرب.
فماكس برود هو من سوق كافكا على هذا النحو، وأراد أن يراه العالم هكذا، طمعًا فى خدمة الحركة الصهيونية، تبدأ من ماكس برود، صديق كافكا، حيث هاجر إلى تل أبيب بعد أن أنقذ أوراق كافكا من النازيين ومنها قصص المسخ والقلعة وأمريكا، ثم بعد أن توفى 1968 انتقلت ملكية أوراق وأرشيف كافكا إلى سكرتيرة صديقه، إستير هوف، والتى تاجرت ببعض الأوراق والمخطوطات وكسبت منها الملايين ومنها مخطوطة رواية "المحاكمة"، ومنها أيضاً رسالة أرسلها كافكا لصديقه ماكس بيعت بمبلغ 82 ألف يورو، وأصبح كافكا بين ليلة وضحاها الدجاجة التى تبيض ذهباً، هذا الفقير الشريد المعلول الذى تلخص قصة المسخ حياته الضائعة، الإنسان الذى استيقظ صباحاً فوجد نفسه مجرد "صرصار" كسيح مسجون فى سريره!!
توفيت السكرتيرة إستير فى 2007 عن مائة عام، وتركت وثائق كافكا فى خزينة سويسرية لابنتيها روث وإيفا، وكانت القضية المرفوعة أمام المحكمة الإسرائيلية تطالب هاتين السيدتين بالإفراج عن هذه الوثائق لأنها من حق الجمهور والقراء، وهو ما تم خلال الأيام القليلة الماضية بالفعل.
وبحسب كتاب "نفسية اليهودى فى التاريخ"، يذكر المفكر الفرنسى روجيه جارودى، أنه رغم كون كافكا يهودى مقطوع الصلة بالطائفة اليهودية، فأنه ذاته كان يهوديا صحيحا، وحول ديانة الكاتب الحائر وعقيدته الروحية يقول المفكر الفرنسى: "فى تصوره "يقصد كافكا" الرب الوحيد هو "يهوه" الرب الباطش الرهيب فى عرف اليهود، الذى لا ترد كلمته الصارمة، وتاريخ إسرائيل فى نظره صورة للعلاقة التى تربط الإنسان بالرب، وشعبه هو الشعب المختار، ولكنه الشعب العاصى أيضا الذى حقت عليه لعنة الرب، وهو يقول: لا أخون جنسى فى الواقع، هذا الأمر مفروغ منه".
ويستشهد الكتاب بدراسة لكاظم سعد الدين بعنوان "حل رموز كافكا الصهيونية" مشيرا إلى قصة القلعة أو القصر لكافكا، هى فى الأصل قلعة لليبوسيين، وهى قلعة حصينة على الرابية الجنوبية شرق القدس، والذى صارت تعرف بجبل صهيون.
أما قصة "المسخ" والتى تحمل نقدًا حادًا لحياة اليهودى فى المنفى، التى تعتمد على الطفيلية من ربا وخدمات تافهة، ووساطة تجارية وبيع سلع بالطواف، وهكذا فأن اليهودى خارج "إسرائيل" لا يستاهل أن يكون أكثر من مجرد "صرصار".