انتصرت اللغة الأمازيغية مجددا، واستطاعت تحصل على صيغة الرسمية فى بلد عربى آخر، بعدما أقر مجلس النواب المغربى، بالإجماع على مشروع القانون التنظيمى المتعلق بتفعيل الطابع الرسمى للأمازيغية، منذ أيام، بعدما أحالته الحكومة للبرلمان منذ أغسطس 2016، وذلك بعد نحو عام من قيام الجزائر بتلك الخطوة.
والأمازيغ واحد من الشعوب الأصلية التى سكنت منطقة شمال أفريقيا الممتدة من واحة سيوة شرقًا إلى المحيط الأطلسى غربًا، ويطلق عليهم أيضًا البربر، وهو الاسم الذى أطلقوا عليهم الرومان، وهو اسم ينطبق على كل من لا ينتمى لمنظومتهم الثقافية والحضارية الأغريقية والرومانية، وتعود إلى أكثر من 3300 سنة.
ويعرف البربر باللغة الأمازيغية، وهى إحدى اللغات القديمة وتنتمى لعائلة اللغات الأفروآسيوية ويتحدث بها الأمازيغ، ولم تعرف بهذا الاسم إلا مع دخول الاحتلال الفرنسى للأراضى الجزائرية، لكن لا يوجد نصوص وآثار تثبت أن هناك لغة جامعة لها، وبحسب ما قال المؤرخ الفرنسى جابرييل كامب إن "فى الواقع، لا توجد اليوم لغة بربرية، بالمفهوم الذى تكون فيه انعكاسا لمجموعة تحس بانتماء موحد".
وتسمى الأبجدية التى يستخدمها الأمازيغ والطوارق بـ "تيفيناغ"، وهى واحدة من أقدم الأبجديات فى العالم، وتختلف تماماً عن الأبجدية العربية واللاتينية.
وكانت تستخدم منذ أكثر من ألفى عام قبل الميلاد من قبل سكان المنطقة فى موطنهم الأصلى الذى يمتد من غربى مصر القديمة إلى جزر الكنارى، ومن حدود جنوب البحر الأبيض المتوسط إلى أعماق الصحراء الكبرى فى النيجر ومالى.
وتنتمى لغة الأمازيع لعائلة اللغات الأفرو آسيوية ولها صلة باللغتين المصرية والأثيوبية القديمة. وتوجد لهجات مختلفة بينها اختلافات من ناحية النطق، ولكن لها قواعد ومفردات متماثلة.
ويختلف التقويم الأمازيغى عن الميلادى، فرأس السنة الأمازيغية يصادف الـ 13 من يناير فى كل عام، أما العام الحالى بحسب التقويم الأمازيغى فهو عام 2969.
ورغم إضفاء الطابع العربى الإسلامى على المناطق التى يتواجدون فيها، واختفاء لغتهم من التداول الرسمى، إلا أنهم حافظوا على تقاليدهم وهويتهم ولغتهم من الانقراض.
اختفت اللغة الأمازيغية من التداول بين الأمازيغيين لفترة طويلة، ويعود الفضل للطوارق فى الحفاظ على اللغة بسبب انعزالهم فى الصحراء الكبرى، وظلت الأمازيغية لغة الطوارق منذ القدم حتى الوقت الراهن.
وأعيد إحياؤها من قبل الأمازيغ فى الجزائر فى ستينيات القرن الماضى من قبل الأكاديمية الأمازيغية، وعبر مئات السنين قاوم الأمازيغ عملية التعريب الكامل للغتهم وثقافتهم وحافظوا عليها من الاندثار رغم حصر استخدامها.
وفى المغرب تم إحياؤها من خلال المعهد الملكى للثقافة الأمازيغية بعد احتجاجات "حركة 20 فبراير" عام 2001، وعلى الرغم من أن الدستور المغربى نص على إدراج الأمازيغية كلغة رسمية منذ ثمانى سنوات، إلا أن البرلمان أقر تدريسها فى المؤسسات الحكومية على مراحل لإعطائها الطابع الرسمى.
ينتشر الأمازيع فى مساحة تمتد من برقة وواحة سيوة على مشارف مصر شرقا، حتى المحيط الأطلسى غربا، وعلى امتداد الصحراء الكبرى والساحل الأفريقى حتى مالى والنيجر جنوبا، وقد أشار المؤرخ الجزائرى عبد الرحمان الجيلانى فى كتابه "تاريخ الجزائر العام" إلى أن أول من عرف فى التاريخ المسجل من سكان هذا الوطن، أنما هم البربر الذين ينتشرون بصورة خاصة، فى بلدان المغرب والجزائر وتونس وليبيا حتى مصر، ويشكلون حوالى 16% من سكان المغرب، وأكثر من 30% من الشعب الجزائرى، ويوجد أعداد منهم متوسطة فى تونس وليبيا، وقليلة فى مصر.