محمد مندور يكتب: أين مصر فى قائمة المتاحف العالمية؟

حقيقى أن مصر لا تمتلك ثلث آثار العالم كما كان يتردد بشكل كبير فى العقود الماضية، لكن الحقيقة التى لا تقبل جدال أن مصر تملك تراثا نادرا فريدا يعبر عن حضارة عظيمة تواصلت عبر مئات السنين، ليترك لنا الأجداد آلاف المواقع والقطع الأثرية والفنية والمقتنيات التراثية.. كما أن متاحفنا تتنوع ما بين متاحف أثرية وفنية وأخرى تاريخية ووطنية ترصد تاريخ بعض الشخصيات والأحداث التى لم تمر فى تاريخنا مرور الكرام وإنما كان لها أثرا عظيما.

ورغم ما تزخر به مصر من مقتنيات ومتاحف إلا أن المدقق فى قائمة المتاحف العالمية أوالمتاحف الأكثر زيارة فى العالم لا يجد أى من متاحف مصر بينها، اللهم إلا المتحف المصرى بميدان التحرير، حيث كان يتردد بين الحين والآخر فى تلك القائمة.. لكنه خلال السنوات الأخيرة لم يعد له ذكر.. لتتصدر متاحف لندن وباريس والولايات المتحدة والفاتيكان قائمة المتاحف الأكثر شهرة.

الحقيقة أن مصر بها عشرات المتاحف القديمة، بُنى معظمها خلال القرن التاسع عشر الميلادى والنصف الأول من القرن العشرين، أى فى فترة لم تكن هناك دول قائمة فى العالم، فكانت مصر هى مصر الدولة الحديثة، كانت بلادنا رائدة فى الاهتمام بعلم المتاحف وإنشاء أحدث المبانى المتحفية، ولعل متاحفنا القديمة تؤكد ذلك، فهناك متاحف تابعة للآثار أشهرها المتحف المصرى بالتحرير ومتحف الفن الإسلامى فى باب الخلق والمتحف اليونانى الرومانى بالإسكندرية ومتحف الأمير محمد على بالمنيل، وأخرى تابعة لوزارة الثقافة وهى المعروفة بالمتاحف الفنية والتاريخية ومن أهمها متحف الفن الحديث ومتحف محمود خليل ومتاحف سعد زغلول ومصطفى كامل ومتحف الشمع، وهناك أيضا متاحف تابعة لوزارة الزراعة وهى المجموعة الشهيرة المعروفة باسم المتاحف الزراعية، وغيرها الكثير.

لكن الواقع الذى يجب أن نعترف به، ليس لجلد الذات ولكن لتصحيح الوضع وإصلاح الحال، أن متاحفنا تعانى من مشكلات عدة تجعلها فى ذيل قائمة المتاحف العالمية. . بل ربما تخرج منها فى كثير من الأحيان، لأن الواقع ببساطة يرصد مخازن مكدسة بآلاف القطع الأثرية والفنية، وأساليب عرض متحفية غير جاذبة للجمهور، وإدارات متحفية تتجاهل تطبيق الوسائل الحديثة فى علم المتاحف والتربية المتحفية.

فضلا عن أن سلطة إدارة المتاحف فى مصر كما هو واضح تقع تحت عباءة وزارات عدة، ورغم ذلك لم نلمس تطورا واضحا أو تقدما ملحوظا فى وجود متاحفنا بقائمة المتاحف العالمية، فلا زلنا محلك سر.

حجم المشكلة ليس كما يرى البعض أنها – حاجة عادية. . أو بمنطق المسئول غير المسئول لما يقول وإيه الجديد؟ – فمعدلات تراجع الاهتمامات العالمية بالمتاحف المصرية ينعكس أثره على التدفق السياحى فى المستقبل.. كما يكشف عن حجم مشكلة تتضخم وتتزايد وتحتاج إلى حل حقيقي.

المتاحف ليست مجرد بيت للتاريخ أو مدرسة للحضارة والفنون والعمارة. . لكنها اقتصاد كبير متعدد الفوائد. . فهو استثمار فى البشر قبل أن يكون جزء من الاقتصاد السياحي.. فالمتاحف أنشئت فى بدايتها لتكون مدرسة يتعلم فيها الأبناء تاريخ وحضارة الأجداد.. فهل نحن نطبق هذا فى متاحفنا ومع أبناءنا؟ كم طفل يزور المتاحف خلال العام الدراسي؟ وكم طالب يعرف تاريخه جيدا؟ مؤسسات الدولة التى تدير المتاحف وهى وزارات عدة لا أقول أنها تحتاج توحيد جهة الإدارة فى وزارة واحدة لكن على الأقل تحتاج سياسة عامة لتطوير المتاحف وإدارتها ودمجها فى التربية وتعليم الفنون والتاريخ ومختلف العلوم.

أعتقد أن هناك خبرات ونماذج رائعة فى إدارة المتاحف لكنها للأسف تبقى نماذج فردية بمجهود شخصى أكثر منه منظومة مستمرة. فهناك مسئولون فى بعض المتاحف لديهم أفكار جيدة بدأوا تنفيذها ثم سرعان ما تغيرت الظروف لتتوقف. . والسبب أن الإدارة فى بلدنا فردية وليست منظومة.

مرة أخرى. . الحديث عن خروج مصر من قائمة المتاحف العالمية والمتاحف الأكثر شهرة والأكثر زيارة ليس من باب البكاء على مجد مضى ولكن جرس إنذار لمشكلة تحتاج حلول عملية.. وحسن إدارة واستغلال للتراث بشكل جيد.. فقط نحتاج أن نتعلم من التاريخ.




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;