افتتح الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، عضو المجلس التنفيذى لإمارة أبوظبي ورئيس اللجنة التنفيذية، أمس، المساحات الجديدة داخل المجمّع الثقافى، بعد اكتمال أعمال الترميم والصيانة في المعلم الثقافي الأبرز في منطقة الحصن بوسط العاصمة.
وتتضمن المساحات الجديدة معارض فنية، ومسرحاً يتسع لـ900 مقعد، تقام عليه سلسلة من العروض الأدائية طوال العام، ومكتبة أبوظبي للأطفال ذات التصميم المبتكر، إلى جانب استحداث "بيت الخط" وعودة "المرسم الحر" إلى مكان انطلاقه في ثمانينات القرن الماضي.
وقال الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان "مع اكتمال مرافق المجمّع الثقافي وانتهاء أعمال الترميم والصيانة في منطقة الحصن، أصبحت أبوظبي مستعدة للعب دور أكثر حيوية على الصعيد الثقافي والفني، بما يعكس التوجه الحضاري الذي تنتهجه الإمارة لتمكين المعرفة والثقافة والفنون والأدب، وبما يعبر عن عمق الارتباط بين مكوناتنا التاريخية وتطلعنا إلى المستقبل، خاصة أن منطقة الحصن تضم قصر الحصن، أقدم مبنى في أبوظبي والذي يعد رمزاً للتراث والتاريخ، وفيه تتجسد قصة كفاح الأجداد من أجل تأسيس الدولة، بينما يعد المجمّع الثقافي ثمرة لرؤية والدنا المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي عمل على دعم الحداثة مثلما حافظ على التراث والتاريخ".
وأضاف الشيخ خالد "إننا نتطلع إلى الدور الذي سيلعبه المجمّع الثقافي في المرحلة القادمة ليعبر عن الوجه المعاصر للثقافة الإماراتية، والتي تتميز بقيم عميقة تشجع على التنوع الثقافي وتدعم الحوار بين الثقافات وتحفز الفنون. إن اكتمال البنية الثقافية التحتية في قلب أبوظبي يأتي في وقت ازدهر فيه المشهد الثقافي بشكل ملحوظ بمختلف عناصره وأشكاله، ولا شك أن المجمّع الثقافي هو الحاضن الأنسب للتعابير الثقافية والفنية النامية والتي تبحث لها عن محطة انطلاق".
حضر الافتتاح الدكتور مغير خميس الخييلي، رئيس دائرة تنمية المجتمع –أبوظبي والمهندس عويضة مرشد المرر رئيس دائرة الطاقة – أبوظبي وسيف محمد الهاجري، رئيس دائرة التنمية الاقتصادية – أبوظبي ومحمد خليفة المبارك رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي وسارة عوض عيسى مسلم، رئيس دائرة التعليم والمعرفة –أبوظبي و زكي أنور نسيبة وزير دولة وسيف سعيد غباش وكيل دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي وعدد من السفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الدولة.
ويشكل المجمّع الثقافي في منطقة الحصن، الانطلاقة الأولى للعاصمة الإماراتية نحو رسم آفاقها الحضرية، ويعد منارة بارزةً ومتأصلة في الثقافة والتراث الوطني منذ أن تأسس عام 1981. ويواصل هذا المعلم الحضاري في حلّته الجديدة، بعدما خضع لسلسلة واسعة من أعمال الصيانة والتجديد، دوره المحوري في دعم مسيرة الازدهار الفني ونشر المعرفة وبناء جسور التواصل الثقافي بين مختلف شرائح المجتمع في أبوظبي والجمهور العالمي من مختلف الأعمار والخلفيات الثقافية.
وقال محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي: "نحن فخورون بالدور المحوري الذي يقوم به المجمّع الثقافي للارتقاء بالمشهد الثقافي والفني، لاسيّما مع برامجه ومساحاته الإضافية التي تضفي أبعاداً جديدةً على المجتمع الفني وتعزز التمكين المعرفي والثقافي بين أفراد المجتمع، ويخاطب هذا المركز الثقافي والفني الجميع، بدايةً من الفنانين الذين يدفعهم شغفهم بحثاً عن مصدر إلهام جديد، مروراً بعشاّق الموسيقى ممن يقودهم اهتمامهم نحو استكشاف الموسيقى العربية التي تجمع بين ما هو تقليدي ومعاصر، وصولاً إلى الآباء وأولياء الأمور الباحثين عن أنشطة ترفيهية وتعليمية تضفي البهجة والسعادة على أبنائهم. وإننا نتطلع إلى الترحيب بأفراد مجتمع أبوظبي وزوارها لخوض تجارب جديدة في المسرح ومكتبة أبوظبي للأطفال، والاستمتاع بالمشاركة في برنامج المجمّع الثقافي الحيوي الذي يزخر بفعاليات وأنشطة متنوعة طوال موسم الخريف".
ومن جانبها، قالت ريم فضة، مدير المجمّع الثقافي: "يسعدنا انطلاق الموسم الافتتاحي للمجمّع الثقافي بعد اكتمال أعمال الصيانة والتجديد، بمشاركة المواهب الفنية في عالم فنون الأداء من خلال برنامج حافل بالفعاليات وعروض الموسيقى العربية التقليدية المقدمة بأسلوب معاصر. وذلك إلى جانب المساحات الفنية في المجمّع الثقافي عبر طوابقه الثلاثة، والتي تضفي قيمة جديدة إلى هذا المعلم الحضاري ومنطقة الحصن بشكل عام، ليؤكد المجمّع الثقافي مكانته كمقصد معرفي وثقافي بارز تسوده أجواء البهجة والسعادة، لنحقق هدفنا من صقل المعرفة ورفع الوعي الثقافي العام بتوفير منصّة داعمة للمواهب الفنية المحلية والإقليمية والدولية".
وتجول الشيخ خالد بن زايد بن محمد آل نهيان في المعرض الفردي "نجاة مكي: إضاءات" المقام في قاعة المعارض الرئيسية في المجمّع الثقافي، والذي يستهل به الموسم الافتتاحي بتسليط الضوء على المسيرة الفنية الغامرة لأحد أبرز الفنانات الإماراتيات في العقود الأربعة المنصرمة.
وسيتمكن الزوار من التعرّف إلى النهج التجريبي والمفتوح الذي تتبنّاه الفنانة نجاة مكي عبر مختلف الرؤى التصميمية المؤثّرة من حيث الأبعاد الجغرافية والتاريخية. يصاحب هذا المعرض، المقام خلال الفترة من 4 سبتمبر إلى 15 ديسمبر، برنامجاً عاماً يشمل سلسة من الحوارات الفنية وورش العمل والدورات التدريبية والجولات الإرشادية وغيرها من عروض الأفلام إلى جانب البرامج الإبداعية الأخرى.
كما اطلع الشيخ خالد بن زايد على أول نسخة من المعارض المجتمعية، حيث يستضيف الموسم الافتتاحي في المجمّع الثقافي أول معرض فني بعنوان "الإهداء: معرض احتفائي بنجاة مكي" بمشاركة فنانين إماراتيين ويستمر حتى 15 ديسمبر. ويجمع هذا المعرض بين ثلاثة أجيال مختلفة من الفنانين الإماراتيين تحت سقف واحد، بدايةً من جيل السبعينيات وحتى جيل التسعينيات، ممن عاصروا الفنانة نجاة مكي وشهدوا على دورها الريادي في تطوير المشهد الفني محلياً ودولياً.
وزار أيضاً "بيت الخط"، أحدث إضافة إلى المجمّع الثقافي، وهو مساحة مخصصة لفنون الخط العربي الأصيل، ويركز بشكل رئيسي على أساليب التعليم التقليدية والمعاصرة في مجال فن الخط في الثقافة العربية. وسينظّم بيت الخط مجموعة من الدورات التعليمية على مدار العام بمشاركة الطلاب من كافة الأعمال ومختلف المستويات المهارية.
وتجول الشيخ خالد أيضاً في "المرسم الحر" حيث تقام ورش عمل فنية بشكل دوري تركز على التثقيف الفني والمعرفي. وستتم توجيه الدعوة لجميع الزوّار من الصغار والكبار ذوي المستويات والمهارات المختلفة للتسجيل في مختلف الدورات التدريبية وورش العمل التي تركز موضوعاتها على الممارسات الفنية، مثل الرسم والتصوير والرسم بالألوان الزيتية والمائية إلى جانب الوسائط الفنية المتعددة والنحت والأعمال الخزفية والفخارية وتصميم الأزياء والرسم على الحرير والزجاج وصياغة المجوهرات.
كما اطلع على الأعمال الفنية التي انتجها الفنانون الأربعة المشاركون في برنامج الإقامة الفنية في المجمّع الثقافي، حيث تعرض أعمالهم ضمن ثلاث مساحات استوديو مخصصة، وذلك خلال الفترة من 4 سبتمبر إلى 30 نوفمبر. والفنانون هم عائشة حيدر وأحمد بن سعيد العريف الظاهري وسعود الظاهري وزايد طماش.
وزار أيضاً المسرح الذي يتسع لـ900 مقعد بعد اكتمال عمليات التجديد والترميم، حيث ينطلق الموسم الافتتاحي بسلسلة من عروض الأداء الفني التي تمزج ما بين المعاصرة والكلاسيكية، وتعكس ثراء التعابير الفنية من موسيقى ورقص وغناء ومسرح وعروض أفلام. يبدأ موسم العروض الفنية في المسرح الجديد بالمجمّع الثقافي في 4 سبتمبر مع الموسيقار والعازف العالمي نصير شمّه و"أوركسترا 2350 ق.م."، حيث يقدمان عرضاً موسيقياً بعنوان "من آشور إلى إشبيلية"، لتأخذ الحضور في رحلة عبر الموسيقى والثقافة والزمن. وفي يوم 6 سبتمبر، يقدم تخت بيت العود برفقة المبدع نصير شمّه حفلاً يحتفي بمرور عشر سنوات على تأسيس بيت العود في أبوظبي. وفي أول عرض مسرحي في المجمّع الثقافي بعد تجديده، تقدم "جمعية كلباء للفنون الشعبية والمسرح"، في 10 سبتمبر، مسرحية "أحمد بنت سليمان" باللهجة الإماراتية. وخلال يومي26 و27 سبتمبر، يقدم مسرح كركلا، أحد أشهر مؤسسات الرقص في منطقة الشرق الأوسط ومقره بيروت، أول عرض راقص على خشبة المسرح الجديد من خلال عرض "ألف ليلة وليلة"،
وتجول الشيخ خالد بن محمد بن زايد في مكتبة أبوظبي للأطفال، التي تعد وجهةً للتعلّم والاكتشاف المعرفي والمشاركة الإبداعية، وتمتد مساحتها على ثلاثة طوابق مستوحاة من الكتب المجسّمة ثلاثية الأبعاد والواحات والصحراء وغيرها من المشاهد الطبيعية، حيث نجحت في إعادة صياغة مفهوم "المكتبة" وما يعنيه هذا الصرح المعرفي للصغار والشباب.
يقع قسم "الصحراء" في الطابق الأول، وقد استوحي من هدوء وسكينة الصحراء حيث يأخذ زوّاره في رحلة ممتعة وغامرة للقراءة عبر كثبانه الرملية الكبيرة، والأنظمة المبتكرة للكتب والمستوحاة من الأفلاج التي تخترق الواحات، ومساحات القراءة المريحة التي تبعث على الاسترخاء والتي استلهمت من رحلات التخييم. وتماشياً مع نهج التعلم عن طريق اللعب، تشمل المساحات الغامرة في المكتبة قلماً ناعماً صُمم خصيصاً للأطفال، وشجرة للقراءة ومساحة للمخلوقات الخيالية لتحفيز مخيلة الصغار وراديو رانج روفر بالحجم الحقيقي. أما قسم "الواحة"، في الطابق الثاني من المكتبة، فيوفر مساحة ملهمة للأطفال تتيح لهم التعلم من خلال الاكتشاف عبر ما تحتويه من مسارات لعب ومحطات عمل ومساحات تفاعلية تشجع على التعلم المنفرد والجماعي، كل ذلك ضمن أجواء نابضة بالحيوية وتبعث على الراحة وسط مساحات خضراء تصطف على جانبيها مجسمات لأشجار النخيل ومنازل خاصة ضمن الأشجار.
وتقدم مكتبة أبوظبي للأطفال بدءاً من شهر سبتمبر الحالي، نحو 10 فعاليات حيوية يومياً، تتخللها مجموعة متنوعة من ورش العمل والجلسات الجماعية بمشاركة الأطفال والآباء وأولياء الأمور. وتحث ورش العمل المشاركين من مختلف الأجيال على مزاولة الأنشطة والتعلّم بالمشاركة ضمن محاور أساسية تتمثّل في سرد القصص والكتابة والفنون والحرف اليدوية والعلوم والتكنولوجيا والعالم الرقمي.
وتقدم مساحة المعارض وورش العمل في الطابق الأرضي من مكتبة أبوظبي للأطفال فرصة للصغار لصقل مهاراتهم الفنية وتنميتها، وكذلك تمكينهم من تصميم مشاريعهم الخاصة واكتشاف الروابط العميقة التي تمتد بين الفن والأدب.
وفي الطابق الأرضي من المجمّع الثقافي تظهر القاعة الرئيسية والردهات الجديدة المصممة لاستضافة أعمال فنية تضفي مسحة إبداعية على المكان، حيث جاء برنامج المعارض ليؤكد على دور المجمّع الثقافي القائم على رؤية مستقبلية تعزيز المشهد الثقافي وتحافظ على التراث العريق.
تمثّل منطقة الحصن من موقعها في وسط مدينة أبوظبي الانطلاقة الأولى للعاصمة الإماراتية نحو رسم آفاقها الحضرية، وهي تتألف من أربعة أجزاء مترابطة: هي قصر الحصن ومبنى المجمّع الثقافي ومبنى المجلس الاستشاري الوطني وبيت الحرفيين. وتفخر منطقة الحصن بما تشمله من إرث ثقافي إماراتي، فهي أشبه بالبوتقة التي ينصهر فيها التاريخ الباعث على الفخر والمجتمع والتقاليد والمستقبل الثقافي المزدهر. للحصول على مزيد من المعلومات حول برامج منطقة الحصن ومكوّناته.