أزاحت الجزائر الستار عن نصب تذكارى للقائد الأمازيغى "ماسينيسا" فى حديقة تافورة بقلب العاصمة الجزائر، تحت إشراف وزير المجاهدين الطيب زيتونى، لكن كثيرين لم يتقبلوا التمثال بصورة مرحبة، فالبعض يعتبره قائدا، بينما آخرون يرونه خائنا.
ويعود التمثال المنصوب إلى الملك الأمازيغى ماسينيسا - المولود عام 238 قبل الميلاد - موحد مملكة نوميديا، وكانت عاصمتها قرب مدينة قسنطينة فى الجزائر، وهو صاحب مقولة "أفريقيا للأفارقة"، لكن بعض المؤرخين يتهمه بالعمالة لروما فى حربها على قرطاج.
استولى الجيش الرومانى المتحالف مع ماسينيسا على قرطاجة عام 146 قبل الميلاد، وعمد الرومان إلى حرقها وتخريبها وتشتيت سكانها وتحويلها لولاية رومانية، بعد أن كانت مركزا زراعيا وتجاريا نظرت له روما بعين الغيرة والتوجس.
واقترن "ماسينسا" بـ زوجته، الأميرة الأمازيغية "صوفونيسبا" ابنة القائد "هسدروبل"، والمنتمية إلى عائلة الفينيقى العظيم حنبعل (هانيبال) قائد القرطاجيين المعروف.
وعُرفت "صوفونيسبا" بـ "أميرة الظلام" تبعا لكونها أجمل نساء زمانها رقةً وكبرياء ودلالاً وكان كل من رآها وإلا ويفتن بها ويريد الزواج منها.
وبسببها نشبت أزمة قوية بين "ماسينيسا" وغريمه "سيفاكسن" (سيفاكس)، حين قرر القرطاجيون تزويج "صوفونيسبا" لـ "سيفاكسن" رغم أنّها كانت خطيبة "ماسينيسن"، فما إن وصل الخبر إلى الأخير حتى ثارت ثائرته وانتقل انتقاما من حليف للقرطاجيين إلى متحالف مع الرومان.
ووسط خلاف إخوة الأرض والدمّ والحضارة والتاريخ، جرى استغلال هذا الصراع من لدن الرومان الذين أرسلوا جيشا بقيادة ولى العهد "سانتوس"، وعندما سمعت الأميرة الحسناء بذلك غضبت كثيرا وبالتزامن مع إهابتها بـ "ماسينيا" و"سيفاكسن" لنبذ الذات، مضت المرأة المولعة بالوطن والغيورة على وهج شمال إفريقيا، لتجميع جيش أمازيغى من المملكتين وخرجت إلى سواحل قرطاج بفرسها وسيفها وأردت "سانتوس" قتيلا وهزمت الغزاة.
لكن حكومة الرومان لم تهدأ، واستعانت ببعض الخونة فى الإيقاع بـ "صوفونيسبا" غداة فخ محكم، وحاول "ماسينيسن" استرجاعها لكنه لم يفلح.
ولأنّ أميرة الظلام أيقنت أنّ أمراء الرومان سينهشون لحمها، ارتحلت إلى شمال إفريقيا وطلبت السم وقالت: "إننى فى حالة مزرية جدا وأعلم ماذا ينتظرنى فأفضّل الموت عوض أن يعبث بى أمرائهم"، قبل أن تتناول السمّ وتموت متشامخة.