بينما آثار العراق ومنحوتاته يتم تدميرها على يد تنظيم داعش الإرهابى راح العالم يحتفل بميلاد الفنان العراقى محمد غنى حكمت أشهر النحاتين العراقيين على مراحل التاريخ، وأفضلهم حتى الآن.
ولد "حكمت" فى الكاظمية فى العاصمة العراقية بغداد، وذلك يوم 20 إبريل عام 1929، وتوفى فى العاصمة الأردنية عمان فى 12 من شهر سبتمبر 2011 عن عمر ناهز 82 عاماً.
درس النحت على يد الأستاذ جواد سليم فى معهد الفنون الجميلة فى العراق وَتخرج مِنه عام 1953، ثم بعث إلى روما وحصل على دبلوم النحت مِن أكاديمية الفنون الجميلة هُناك عام 1955، وفى عام 1957 حصل على دبلوم المداليات من مدرسة الزكا فى روما، وَبعدها توجه إلى فلورنسا وحصل فيها على شهادة الاختصاص فى صب البرونز عام 1961.
يُعتبر محمد غنى حكمت من الأعضاء المؤسسين لجماعة الزاوية وتجمع البعد الواحد، كما يعتبر عضو فى جماعة بغداد للفن الحديث حيث ساهم فى الكثير من معارضها، لكن له دور فعال فى المعارض الوطنية المحلية والدولية، كما أقام عدة معارض شَخصية فى روما، وبيروت، وبغداد، وفى عام 1964 حصل على جائزة أحسن نحات على مُستوى العالم من مُؤسسة كولبنكيان.
لم يكن أحد من أفراد عائلته قد مارس فن الرسم أو النحت، وتعتبر أسرته من الأسر المحافظة، حيث كان ينظر البعض إلى فن النَحت على أنه من الأمور المحرمة فى نظر الشرع. استناداً إلى مقابلة مع النحات محمد غنى حكمت ذكرَ فيها أنَّ قد يكون هُناك أثر لِطفولته فى سبب اختياره لهذه المِهنة، حيثُ كانَ يَذهب إلى نَهر دجلة وَيعمل من الطين الحر أَشكالاً لحيوانات .
وقد قام موقع جوجل العالمى بتغير شعاره اليوم إلى احتفال بالذكرى الـ 87 لميلاد محمد غنى حكمت.
وقام حكمت بنحت العديد من الأعمال المهمة حول العالم، ومن ضمن أعماله المشهورة جدارية تم نحتها فى الباب الرئيس لمنظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة وكان ذلك فى عام 1986، إضافة إلى تصميمه العديد من أبواب الكنائس الشهيرة، مثل أبواب كنيسة تيستا دى ليبرا الخشبية الثلاثة والتى قدم فيها عملا إبداعيا مذهلا، واعتبر أول مسلم ينقش أبواب الكنائس، حيث كان ذلك فى ثمانينيات القرن الماضى.
وفى الوطن العربى قام بنحت جدارية الثورة العربية الكبرة فى عمان، إضافة الى العديد من الأعمال التى نفذها فى البحرى، من ضمنها خمسة ابواب ضخمة لمسجد، وبعض النوافير واحد التماثيل الضخمة.
وفى العراق، تنتشر أعماله الخالدة فى جميع ساحات بغداد وكانت آخر أعماله هى مجموعة مكونة من أربعة قطع العمل الأول عبارة عن الفانوس السحرى الشهير لعلاء الدين، وهى حكاية شعبية منتشرة فى العالم بطلها طفل عراقى، والثانى عبارة عن قبة، تمثل بغداد عليها تم نقش أبيات شعرية، والثالثة هى ايضا تمثل بغداد وهى عبارة عن امرأة تبدو عليها علامات الشموخ، اما الرابع فكان عبارة عن ختم مكسور وهناك اربعة ازرع تحاول انقاذه، وبعنوان "انقذوا الثقافة" حيث اعتبرت هذه المنحوته نداء للمهتمين بالتراث والأثار العراقية لانقاذها من التخريب والتدمير الذى تسببت فيه الحرب الامريكية على العراق والجماعات الارهابية المتطرفة التى تتعمد هدم الآثار الهامة.