تثير كلمة التراث جدلاً كبيرًا في المجتمعات الشرقية وتدور حولها المعارك الكبرى والمناظرات الفكرية وغير الفكرية وتثار حتى على مواقع التواصل الاجتماعي بين غير المتخصصين مع أن مفهوم التراث نفسة غير واضح وغير محدد عند الكثيرين، والسؤال الذى يطرح نفسه،هو هل نعلم معنى التراث؟، وطرحنا هذا السؤال على الدكتور أحمد درويش، أستاذ البلاغة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة.
وقال الدكتور أحمد درويش، إن التراث هو مجمل تقاليد وأعراف وثقافات نتأثر بها، وبعضها يشكل الأساسي الوجداني لنا لكنه ليس مقدسًا في مجمله ومن صالح هذا التراث أن يتعرض للنقد البناء وهو غير النقد الهدام، بمعنى أن يعاد النظر فيه لتفريق بين الجوهر والعارض، والجوهر هو الذي يكون قابلاً للتطبيق في كل زمان ومكان، لأنه يمثل قيمة في ذاته.
وأوضح الدكتور أحمد درويش، فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، أن مفهوم العارض فهو الخاص بالظروف الزمنية والمكانية المحيطة بذلك الجوهر، وينبغي أن يعاد النظر فيه، فيما كان صالحًا لتطبيقه فى بغداد أو دمشق فى القرن الثانى، لا يصلح بكل أعراضه أن يطبق في القرن الـ 21، ومن هنا يأتي دور المجتهدين، وعلماء التراث أنفسهم استعانوا بعلماء وبعلوم عصرهم في تثبيت مقولاتهم وتكون لنا النموذج لكى نستعين بعلماء وعلوم عصرنا، في تثبيت الجوهر الأصيل وتجاوز أعراضه المتغيرة.
يذكر أن اليوم الثاني من مؤتمر الأزهر لتجديد الفكر الإسلامى، شهد جدلاً عقب كلمة الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، التى اعتبرها البعض تتعرض للمذهب الأشعرى، ما دفع الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر إلى التعقيب على كلمة رئيس جامعة القاهرة، وبدأ الأمر في التوتر، حيث تدخل الدكتور الخشت، قائلاً: موجها كلامه للإمام الأكبر: "أنا فى بيتك وبين أبنائك، فيه سوء التباس حضرتك حولتها معركة".
كانت مع الكلمة المقررة لرئيس جامعة القاهرة في الجلسة الأولى باليوم الثاني لمؤتمر الأزهر لتجديد الفكر الدينى، حيث أكد الخشت أنه لابد من تجديد علم أصول الدين بالعودة إلى المنابع الصافية القرآن الكريم وما صح من السنة النبوية.
وتابع: "لن نستطيع أن نأت بخطاب ديني جديد إلا إذا غيرنا منهجيات وأسس الدراسات الدينية، فهناك خلط بين المقدس والبشرى، وهناك علم تفسير قديم يقوم على صحة وصواب الرأى الواحد، بينما القرآن يتسع لمعان عديدة ومتعددة كلها تحتمل الصواب وكلها ممكنة التنفيذ لابد من دراسات جديدة تتخلص من سيادة العقائد الأشعرية وتكوين رؤية جديدة للعالم، ولابد التمييز بين درجات الأحاديث الآحاد والمتواترة فلابد أن نفتح المجال للعلوم الإنسانية الحديثة.
من جانبه، عقب الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، قائلاً: إن إهمال التراث بأكمله ليس تجديدًا وإنما إهمال، مشيرًا إلى أن الأشاعرة لا يقوم منهجهم على أحاديث الآحاد، ويعتمدون على الأحاديث المتواتر، مشيرًا إلى أن التراث حمله مجموعة من القبائل العربية القديمة الذين وضعوا أيديهم على مواطن القوة والتاريخ.