"وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين" هكذا تحدث الله تعالى في كتابه الكريم في سورة القصص، وهى واحدة من الآيات الذكر الحكيم التي اختلف حولها العديد من العلماء المفسرين، عن هل الوحى يكون لغير الأنبياء والرسل، وكيف هو الوحي المذكور في هذه الآية.
ويرتبط الوحى الإلهى في المنظور الدينى بالوحى عن طريق الملاك جبريل، على من اصطفاهم الله تعالى من البشر أنبياء ورسلا مبشرين ومنذرين، وهو مفهوم الوحي عند العلماء في اصطلاح الفنون، ويرى الدكتور إقبال بن عبد الرحمن إبداح، في كتابه "الوحي القرآني بين المفسرين و المستشرقين" بأن وحى الرسالات جميعا كان يقوم به ملك الموت "الروح الأمين جبريل".
جاء في معاجم العربية أن الجذر اللغوي (وحي) أصل يدل على إلقاء علم في إخفاء. قال الطبري: "أصل (الإيحاء)، إلقاء الموحي إلى الموحى إليه؛ وذلك قد يكون بكتاب، وإشارة، وإيماء، وبإلهام، وبرسالة"، ولذلك قالوا: الوحي: الإشارة، والكتاب، والرسالة، وكل ما ألقيته إلى غيرك حتى علمه، فهو وحي كيف كان. وأوحى الله تعالى ووحى.لكن هناك عديدة اختلف عليها البعض حول إذا كانت هناك حالات وحى لغير الأنبياء قد حدثت، ومنها:
أم موسى
اختلف العلماء حول الوحي إلى أم موسى، فقالت فرقة إنه كان قولا في منامها وقال آخر إنه كان مجرد إلهاما، بينما ذهب آخرون بأن ملك من الملائكة مثل لها، واعتقد البعض أن الملاك جبريل أتاها بذلك، وعلى ذلك فهو وحي إعلام لا إلهام، لكن الكل أجمع على أنها لم تكن نبية.
العذراء مريم أم يسوع المسيح
قال الله تعالى في سورة مريم: "فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا" {مريم: 17-19}، وفسر الكثيرين ذلك بنزول الوحى على العذراء أم يسوع المسيح، فيرى البعض أن الله أرسل جبريل إلى مريم فخاطبها فهذا يدل على نبوتها، والجواب عن هذا: بأنه ليس كل من خاطبته الملائكة فهو نبي، فقد كلمت الملائكة غير الأنبياء.
ولم تنفِ الدراسات نزول الوحى على مريم خاصة عند الاستناد إلى النص القرآنى :"إذ قالت الملائكة يا مريم أن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم" مشيرا إلى أنه كانو حيا لكنه ليس وحى رسالة بل ليزيل وحشتها.
الوحى إلى النحل
جاء في الآية 68 من سورة النحل قوله تعالى: "وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68)"، وهو ما وضحته فتاوى إحدى المواقع الإسلامية، بإن المراد بالوحي إلى النحل إلهامها وتسخيرها وهدايتها لهذا العمل، كما نقل السيوطي عليه الاتفاق، وهذا لا يتعارض مع انقطاع نزول الوحي إلى الأنبياء وختمهم بالنبي صلى الله عليه وسلم، فالنحل لا ينزل عليها أحكام ولا تشريعات وإنما يلهمها الله تعالى هذا العمل إنعاماً على العباد بتوفير العسل.
الوحى إلى الحواريين
يقول تعالى في سورة المائدة: "وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون"، وبحسب موقع "إسلام ويب" المراد بالوحي إلى الحواريين إلهامهم عند سماع دعوة عيسى للمبادرة بتصديقه، فليس المراد بالوحي الذي به دعاهم عيسى، ويجوز أن يكون الوحي الذي أوحي به إلى عيسى ليدعو بني إسرائيل إلى دينه، وخص الحواريون به هنا تنويها بهم حتى كأن الوحي بالدعوة لم يكن إلا لأجلهم، لأن ذلك حصل لجميع بني إسرائيل فكفر أكثرهم على نحو قوله تعالى: كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة; [ ص: 104 ] فكان الحواريون سابقين إلى الإيمان لم يترددوا في صدق عيسى.