في يوم 3 من شهر مارس عام 1857 اندلعت حرب غريبة الطابع اسمها حرب الأفيون الثانية، وأطلق عليها آخرون اسم الحرب الأنجلو صينية الثانية، أو الأنجلو فرنسية على الصين، وهى حرب بين الإمبراطورية البريطانية والإمبراطورية الفرنسية ضد حكومة تشينج الصينية، فى الفترة من 1856 حتى 1860.
وبحسب كتاب "حرب الأفيون" الصادر عن سلسلة تاريخ الصين، عن دار الشعب الصينية، أن حروب الأفيون، بدأت مع عام 1840، وكان السبب فى اندلاع الحرب، هو أحلام الرأسماليين الإنجليز، بفتح أسواق تجارية فى الصين، لكن دائمًا ما كانت تحقق تلك التجارة خسائر، خاصة فى المنتجات القطنية والمنسوجات، وهو ما أقلق رجال التجارة البريطانيين، واعتبروا ذلك نتيجة سياسة الباب المغلق التى تسلكها حكومة تشينج الصينية فى ذلك الوقت، فحاولوا إغراء الحكومة بأى وسيلة لفتح المؤانئ، لكن الصين رفضت.
ومع حلول النصف الثانى، من القرن الثامن عشر، وجد البريطانيون ضالتهم فى تجارة الأفيون، والتى كان لها رواج بين الطبقات الارستقراطية وملاك الأراضى، لوضع قدمهم داخل السوق الصينى، والتى جلبت لهم هناك أرباحًا هائلة، ونظرًا لاتساع حركة تلك التجارة، وزيادة عدد متناولى الأفيون، حاولت الحكومة منعه عدة مرات، لكنها فشلت، لكن مع الإجراءات الحازمة التى اتخذت عام 1821، أصبح التهريب الحل الوحيد لهذه التجارة، الأمر الذى قابله الامبراطور الصينى بقرار آخر بحظر استيراد الأفيون إلى الامبراطورية الصينية، بل وذهبت الامبراطورية إلى أبعد من ذلك عندما ذهب ممثل الإمبراطور إلى مركز تجارة الأفيون وأجبر التجارالبريطانيين والأمريكيين على تسليم ما لديهم من الأفيون الذى بلغ ألف طن وقام بإحراقه فى احتفالية كبيرة شهدها المناوئون لهذا المخدر.
وعند ذلك قررت بريطانيا التى كانت فى أوج قوتها العسكرية، إعلان الحرب على الصين لفتح الأبواب من جديد أمام تجارة الأفيون للعودة من جديد، والتى استمرت عامين، واستطاعت بريطانيا بعد مقاومة عنيفة من الصينيين احتلال مدينة "دينغ هاى" فى مقاطعة شين جيانج واقترب الأسطول البريطانى من البوابة البحرية لبكين، ودفع ذلك الإمبراطور الصينى للتفاوض مع بريطانيا وتوقيع اتفاقية "فان جنج" فى أغسطس 1842.
لم تحقق معاهدة "فان جنج" أهداف البريطانيين، فلم يرتفع حجم التجارة مع الصين كما كانوا يتوقعون، واستمر حظر استيراد الأفيون، كما كان يرفض البلاط الإمبراطورى التعامل مباشرة معهم لذلك قدموا مذكرة بمراجعة الاتفاقات القائمة التى رفضها الإمبراطور، لذلك قررت بريطانيا وفرنسا استخدام القوة مرة أخرى ضد الصين وواتتهم الفرصة عند قيام السلطات الصينية فى "جوانج شو" بتفتيش سفينة تحمل العلم البريطانى واعتقال بحاريها وإنزال العلم ومقتل مبشر فرنسى، لشن حرب جديدة على الصين، عرفت بحرب الأفيون الثانية، والتى انطلقت 3 مارس 1857.
وبسبب هذه الحرب اضطر الإمبراطور للرضوخ للمطالب ووقع اتفاقيات "تيان جن" مع كل من فرنسا وبريطانيا وكذلك روسيا والولايات المتحدة التى منحت امتيازات أكثر أهمها فتح المزيد من الموانئ، وارتفع عدد المدمنين فى الصين من مليونى مدمن عام 1850م ليصل إلى 120 مليونًا سنة 1878م، لكن حروب الأفيون لم تنته نهائياً إلا باتفاقية 8 مايو 1911.