الجمال فى مصر موجود أينما ذهبت، هذا ما أدركه الفنانون التشكيليون خاصة المستشرقين منهم، الذين جاءوا لزيارة الحضارة ورصد تفاصيل الواقع، وهذا ما نجده فى لوحة "سوق القاهرة وساحر الأفاعى" للفنان النمساوى تشارلز وايلدا التى أبدعها فى عام 1887.
يدور عالم اللوحة فى منطقة السكرية فى مصر الفاطيمة، ومن لا يعرف المنطقة التى خلدها نجيب محفوظ عندما جعلها عنوانا للجزء الثالث من ثلاثيته الشهيرة عن القاهرة.
لكن تشارلز وايلدا يعود بنا إلى زمن أبعد من زمن نجيب إلى نهاية القرن التاسع عشر، فقد عاش الفنان النمساوى فى الفترة بين عامى (1854-1907).
تعتمد اللوحة بشكل أساسى على إظهار "الحاوى" يعزف على نايه بينما ثعبانه يتمايل رقصا، ورجل وطفل ينظران، يبدو على الوضع الجسدى للطفل بعض الخوف من الثعبان فهو يتراجع حتى يتكئ بظهره على السلم الحجرى، هذا السلم لو تتبعناه سوف يأخذنا إلى حارة أخرى من حارات القاهرة.
بينما يعطينا "السقا" ظهره كى نرى "قربته" لنعرف مهنته، تمنحنا المرأة وجهها الحزين، بينما تحمل على جانب رأسها "جرتها" تسندها بيدها، توحى ملابسها بفقرها، ويوحى انشغالها عن "الحاوى" بهمها.
فى البعيد حوار بين امرأة تجلس لتبيع وبين أخرى، من الواضح أنهما تتحدثان فى سيرة شخص غائب، وعلى القرب منهما رجال يتفقان على شيء ما، بينما تتحرك امرأة بكل ثقة و"اليشمك" على وجهها و"جرتها على رأسها" لا تأبه بأحد.
كل هذه الوجوه محصورة بين مبانٍ مملوكية تتحدى الزمن، حرص تشارلز وايلدا على تفاصيلها، وتكفى نظرة للجدار لنرى النتوءات وتغير الألوان والزمن.