حلب تحترق وتاريخها ينمحى بسبب الغارات الآثمة، والشعراء قديما وحديثا أحبوا هذه المدينة العريقة، وننشر أجزءا من 7 قصائد تناولت المدينة الشهباء.
المتنبى
لا أقمنا فى مكان وإن طاب
ولا يمكن المكان الرحيل
كلما رحبت بنا الروض قلنا
حلب قصدنا وأنت السبيل
فيك مرعى جيادنا والمطايا
و إليها وجيفنا والذميل
أبو العلاء المعرى
يا شاكى النوب انهض طالبا حلبا
نهوض مضنى لحسم الداء ملتمس
واخلع إذا حاذيتها ورعا
كفعل موسى كليم الله فى القدس
أبو فراس الحمدانى
لقد طفت فى الآفاق شرقا ومغربا
وقلبت طرفى بينها متقلبا
فلم أر كالشهباء فى الأرض منزلا
ولا كقويق فى المشارب مشربا
الأخطل الصغير
نفيت عنك العلة والظرف والأدبا
وإن خلقت لها إن لم تزر حلبا
لو ألف المجد سفرا عن مفاخره
لراح يكتب فى عنوانه حلبا
خليل مطران
جئتهم والفؤاد بي
خافق كلما اقترب
إن من قال فيهم
أعذب المدح ما كذب
نزار قبانى
كل الدروب لدى الأوربيين توصل إلى روما
كل الدروب لدى العرب توصل إلى الشعر
وكل دروب الحب توصل إلى حلب
صحيح أن موعدى مع حلب تأخر ربع قرن
وصحيح أن النساء الجميلات لا يغفرن لرجل
لا ذاكرة له ولا يتسامحن مع رجل لا ينظر
فى أوراقه الروزنامة..
ولا يقدم لهن فروض العشق اليومى.
كل هذا صحيح ولكن النساء الجميلات وحلب
واحدة منهن
يعرفن أيضا أن الرجل الذى يبقى صامدا فى نار العشق
خمسا وعشرين سنة ويجيء ولو بعد خمس وعشرين سنة
هو رجل يعرف كيف يحب ويعرف من يحب
ربما لم أضع حلب على خريطتى الشعرية
وهذه إحدى أكبر خطاياى ولكن حلب كانت دائما
على خريطة عواطفى وكانت تختبئ فى شراييني
كما يختبئ الكحل فى العين السوداء
وكما يختبئ السكر فى حبة العنب
واليوم تتفجر الحلاوة كلها على فمي
فلا أعرف من أين يبدأ الشعر ومن أين
يبدأ النبيذ ومن أين تبتدأ الشفة
ومن أين تبتدأ القبلة
ومن أين تبتدأ دموعي
ومن أين تبتدأ حلب
لا أريد أن أتغزل بحلب كثيرا
حتى لا تطمع
ولا أريد أن أتكلم عن الحب
بقدر ما أريد أن أحب
كلماتنا فى الحب تقتل حبنا
إن حروفنا تموت حين تقال
كل ما أريد أن أقوله أن حب النساء
وحب المدن قضاء وقدر
وهاأنذا فى حلب
لأواجه قدرا من أجمل أقداري
محمد إبراهيم أبو سنة
حلب" على مرمى سحابة
نثرت ضفائرها
وفستق دمعها
يشكو الصبابة
مالت ينا شمس الغروب
إلى الكآبة
وأنا وأنت "أبا فراس"
ننتمى للريح..
.. لا شمس الملوك
تضئ ما يعتادنا
من ليلنا الوثنى
لا قمر الكتابة
يهمى بسوسنه
فيلهبنا
وتطلع فى فضاء القلب
أزهار الغرابة
لا تنكشف للغد
أنت محاصر
ما بين بحر الروم والمنفى..
... وتلك نبوءة العراف
تلمع فى سيوف ذوى
القرابة
من أين يا زين الشباب
أتيت؟\
من رحم القصائد
والمكائد والشدائد والرعود؟
من أين تطلع
أيها القمر الشامى
المكبل بالأقارب والمصائب والقيود؟
قلبى عليك ...
.. وأنت تعبر للحدود
جرحا تطاول ألف عام
جرحا من الخذلان
والدمع الكذوب
ومن أباطيل الكلام
جرحا بحجم المجد ..
حجم الحب فى
قلب الشام
ها أنت تبحر فى مياه القلب
تبصر فى مرايا الوقت
أوهام الغلام
يمضى على وقع السيوف
إلى حمى أم ..
.. تولول فى الظلام
تبكى رحيل أحبة
بيد الأحبة
مازلت ترجف
كلما هزتك أيام
الضرام
وأبوك مقتول
بسيف بنى أبيه
وأنت ما بين السهام
تعطى لفوضى الأرض بعض نظامها
وتقيم حلمك فى النظام
تبنى مدينتك الجميلة
بين أضلاع القصائد
ما كنت تحلم بالعروش
أو الضياع أو الموائد
دع زمرة الشعراء
فوق أرائك الذل
"المنافق"
ينشدون ويأخذون
ويكذبون ويفخرون
وأنت شاهد
يتجمعون على الطعام
وأنت واحد
تمضى إلى الروم الذين
تربصوا
تمضى لما لا عيب
فيه ...
أبا فراس تبتغى
"مجد العرب" ..
ما من سبب ..
يدعوك أن تحنى جبينك
والخطوب ثقيلة ...
وسواك يقترح الهرب
ووقفت للموت المؤكد
أنت ند كالحياة له
إذا لاح الخطر
شدوا وثاقك
مرحبا بالأسر
أو بالموت ...
يركع تحت أخمصك الظفر
"حلب" على مرمى سحابة
وهواك متسع لهذى
الأرض
والأحلام غابة
ملأى بأسرار الغيوب
وليلنا متثاقل
وبنو العشيرة يسفكون
دماءهم
وعلى المدى أم مصابة
سرب من الغربان
ينعق فوق تاريخ مهان
أمم يسابقها الزمان
فلا تبالى تنطوى
خلف الزمان
تلهو إذا حمى الوطيس
وحينما اشتد الرهان
فتكت بأنفسها القبائل
وانتحت
تبكى حظوظ حروبها
فى ظل أرداف القيان
سرب من الغربان
ينعق
فوق تاريخ
مهان
أمم تساق إلى مصائرها
يسابقها الزمان
فتنطوى
حتى لينكرها
الزمان