نواصل قراءة جمال مصر من خلال لوحات المستشرقين، ونتوقف مع لوحة "الكاتب" للفنان "لودفيج دويتش" وتصور اللوحة الكاتب جالسا فى الشارع، وتبرز كيف يرى المجتمع قيمة المعرفة والقراءة.
ولودفيج دوتيش من مواليد فيينا سنة 1855 – ورحل فى باريس 1935) ولد لعائلة يهودية مرموقة، كان والده ممولاً وأحد رجال البلاط الإمبراطورى النمساوى.
وعن علاقته بـ القاهرة كتب نبيل رمضان فى مجلة القافلة يقول: استوقفه فى هذه المدينة بشكل خاص العسكريون النوبيون الذين كانوا يحرسون القصور والمبانى العامة، فرسمهم فى لوحات عديدة، بتركيز شديد وواضح على كبريائهم وقوة بنياتهم وأبهة مظاهرهم وملابسهم.. ورسم مشاهد من حياة العامة، مثل "بائع السحلب" و"لاعبا الشطرنج"، كما رسم مناسبات مميزة مثل "المحمل"، الذى يمثل انطلاق موكب نقل كسوة الكعبة المشرفة من القاهرة إلى مكة المكرمة.
كان دويتش يكتفى فى القاهرة بإنجاز الرسوم التحضيرية على الورق، لينجز لاحقاً اللوحة الزيتية فى محترفه فى باريس بأسلوب واقعى دقيق حتى الحدود القصوى، جعل كثيراً من النقاد يجزمون أنه كان يعتمد ولو جزئياً على الصور الفوتوغرافية، إذ إن هذا الالتزام برسم أصغر التفاصيل بدقة شديدة لم يكن مألوفاً عند معاصريه، ولم يظهر إلا بعده بنحو نصف قرن فى "الواقعية الفائقة" أو "الواقعية الفوتوغرافية" التى ظهرت فى أمريكا.
ولعل لوحة الكاتب تكشف ذلك، فالاهتمام بالتفاصيل رائع، يكفى أن نتأمل الكرسى "الأرابيسك" الذى يجلس عليه الكاتب، والألوان المتعددة بدرجاتها المختلفة فى اللوحة.