شغف كثير من الفنانين العالميين بالقاهرة وجوها الشرقى وسحر تفاصيلها وأنماط الناس فيها ومبانيها ومعمارها المتميز ونيلها وصحرائها وحواريها وشوارعها وأسواقها، فقدموها فى أعمالهم الفنية، ومن ذلك لوحة "القاهرة ودكاكينها" للفنان أرثور فيرارى التى أبدعها فى عام 1868.
والأعمال الفنية مستويات في القراءة لذا فإن أول ما يواجهنا في هذه اللوحة اللون الأصفر الذى يبدو غالبا على التفاصيل، وأعتقد أن الجو العام الذى قصده الفنان هو السبب في ذلك، فقد أراد التأكيد على نهارية اللقطة، فظهر ذلك في الإنارة التي كشفت لون الجدران الأصفر القريب من لون الأرض، حتى الجلباب الذى يرتديه الرجل الذى يشرب الشيشة ويقرأ فى الصحيفة، يوحى بهذا اللون.
ولا يمكن أن نعرف بسهولة ما الذى يقدمه هذا "الدكان" حتى أن "الطبل" المعلق على الحائط لا يشى بشىء، وربما كان فقط لمجرد الزينة.
لو تأملنا اللوحة على مستوى الأشخاص نجد الرجل صاحب الدكان يجلس على مقعد خشبى، ولو شئنا الدقة على سجادة، بينما العامل يعد له "فهوته" ويخرج بها من داخل الدكان.
وفى اللوحة حرص الفنان على إظهار السمات الشرقية بقوة، ويكفى تأمل الأرابيسك الذى تشكل منه الباب الخشبى للدكان لنعرف ذلك، كما أن طريقة الملبس لصاحب الدكان مستمرة حتى الآن، رغم السنوات لا يزال الصعايدة والفلاحون حتى اليوم يرتدون الملابس نفسها فى شكل "مصرى خالص".