صدر حديثاً عن مجمع اللغة العربية بالشارقة العدد الثالث من المجلة الفصلية "العربية لساني"، متناولاً واقع اللغة العربية فى الوطن العربى والحلول والخطوات الناجعة التي يمكنها أن توصل القائمين فى التربية والتعليم فى العالم العربى إلى قناعات صحيحة وسليمة فى كيفية تكوين الملكة اللغوية لدى الأجيال الجديدة.
وجمع العدد الجديد من المجلة الذي جاء فى 137 صفحة، نخبة من الكتاب والباحثين المتخصصين فى علوم البيان واللغة والنحو والصرف، منهم الدكتور عادل أحمد الرويني، والدكتور على النعيم، مدير معهد الخرطوم الدولي للغة العربية فى السودان، مقدمين عدداً من الدراسات والمقالات البحثية ومقالات الرأى.
وقال الدكتور محمد صافى المستغانمى، أمين عام مجمع اللغة العربية فى الشارقة فى افتتاحية المجلة: "إن الملكة اللغوية عملية تراكمية هرمية، تبدأ بصغار الحصى ثم تكبر ويتكدس فوقها ركام الحجارة والصخور والأتربة إلى أن تكون جبلاً شامخاً، أشبهها بالقصر المشيد العالى الذى يبنيه صاحبه لبنة لبنة، بعد أن يكون وضع له مخططاً مفصلاً واضحاً، ووظف مهندسين مهرة واستأجر بنّائين عارفين بأدوات البناء المتنوعة، إذا كان هذا شأن تشييد بيت، فإن إنشاء صرح الملكات اللغوية يتطلب هذا ومثله معه من التخطيط السليم والروافد والأدوات والمتخصصين".
وأضاف المستغانمى: "إذا أردنا أن نصنع أجيالاً من الذين يحسنون العربية، فإنه يجب أن نرسم لهم مهيعاً واضحاً لتعلمها وهذا الطريق هو نفسه الذى سطّره العلماء السابقون وسلكه الفصحاء الأقدمون، وتسهيلاً للأمر أضع بين أيدى القائمين على تعليم اللغة العربية، والراغبين فى تعلّمها الخطوط العريضة، وأوّلها ضرورة إتقان علوم الآلة المتعلقة باللسان العربى وهى النحو والصرف والإملاء والبلاغة وعلم العروض، وفى الوقت الذى ينبرى فيه الطالب لتعلّم علوم الآلة، عليه أن يمتلك مفتاح القراءة منذ نعومة أظفاره، ومن ثَمَّ الحفظ فهو الرافد الأكبر لخزّان المَلَكة اللغوية، وينبغى فى هذا الشأن توجيه المتعلم لحفظ نصيب وافر من سور القرآن الكريم، ورابعاً بعد أن يتربَّع المتعلم على عرش من المحفوظ الأدبى شعراً ونثراً، وتصبح روائع الكتب أنيسه، ويحكم قبضته على علوم الآله، هنا يحسن بالمتعلم الهمام أن يتوجه بجميع قواه العقلية والوجدانية إلى النسج على منوال الأدباء المُجيدين والشعراء والكتاب، ويغامر فى تقليدهم ومحاكاتهم".