نشاهد اليوم لوحة "المعالج الشعبى" للفنان العالمى لودفيج دويتش، والتى أبدعها فى عام 1891، وهى ترصد جانبا من التاريخ الشعبى لمنطقة الشرق كان الفنانون التشكيليون حريصون على تصويرها.
والفنان النمساوى لودفيج دويتش عاش خلال الفترة من (1855-1935) ويعد من أهم الفنانين الذين زاروا مصر وأعجبوا بها وبتراثها ونقلوا ذلك فى أعمالهم الفنية، ونرى فى اللوحة المعالج جالسا على أريكة مرتفعة بعض الشيء، وبجانبه بعض أدواته موجودة فى آنية من الفخار، وأخرى معلقة على الجدار، بينما فتاة تقف أمامه تشترى منه شيئا ما، وطفل بالقرب منها.
توحى اللوحة بجو أسطورى، خاصة مع خلو الشارع من المارة، وتشققات الجدار، والبوابة التاريخية التى يجلس امامها المعالج ويعلق عليها أشياءه.
وعن علاقة لودفيج دويتش بـ القاهرة كتب نبيل رمضان فى مجلة القافلة يقول: استوقفه فى هذه المدينة بشكل خاص العسكريون النوبيون الذين كانوا يحرسون القصور والمبانى العامة، فرسمهم فى لوحات عديدة، بتركيز شديد وواضح على كبريائهم وقوة بنياتهم وأبهة مظاهرهم وملابسهم.. ورسم مشاهد من حياة العامة، مثل "بائع السحلب" و"لاعبا الشطرنج"، كما رسم مناسبات مميزة مثل "المحمل"، الذى يمثل انطلاق موكب نقل كسوة الكعبة المشرفة من القاهرة إلى مكة المكرمة.
كان دويتش يكتفى فى القاهرة بإنجاز الرسوم التحضيرية على الورق، لينجز لاحقاً اللوحة الزيتية فى محترفه فى باريس بأسلوب واقعى دقيق حتى الحدود القصوى، جعل كثيراً من النقاد يجزمون أنه كان يعتمد ولو جزئياً على الصور الفوتوغرافية، إذ إن هذا الالتزام برسم أصغر التفاصيل بدقة شديدة لم يكن مألوفاً عند معاصريه، ولم يظهر إلا بعده بنحو نصف قرن فى "الواقعية الفائقة" أو "الواقعية الفوتوغرافية" التى ظهرت فى أمريكا.