"تيمنوا فإن فى اليمين بركة"، "اللهم أجعلنا من أهل اليمين" كلها أقاويل تدعو لأفضلية اليمين على اليسار، ونجد تقديس اليمين واعتباره رمزا للحق والصواب والخير، ونبذ الشمال (اليسار)، وهو أمر شائع فى الإسلام، فنجد ذلك صراحة فى القرآن حيث يتحدث عن "أصحاب اليمين" وأصحاب الشمال" .
لكن أفضلية اليمين تبدو أنها ثقافية تاريخية عرفتها الأديان والحضارات، وأعطت لأصحاب اليمين أفضلية وتقديس، يبدو أن الأديان الإبراهيمية خصوصاً اشتقت هذه الفكرة من هناك، ورفضت أصحاب الدرب الأيسر بإقصائهم، فجعلت أصحاب الدرب الأشول يمثلون الشر وهم خالدون فى الجحيم، بينما أصحاب الدرب الأيمن يمثلون الخير والحق وهم خالدون فى النّعيم أو الجنة.
الثقافات الأخرى
بحسب دراسات فإن الكثير من الحضارات رمزت للشر بالشمال، وبالنظر فى أصل كلمة شرير أو "Sinister" اللاتينية التى كانت تستخدم فى العصور الوسطى، فإنها فى أصلها اللاتينى تعنى أشول، سيء الحظ، بينما كلمة يمين Right، تستخدم للتعبير عن الحق والصواب ولا يزال هذا المعنى مستخدماً إلى الآن.
ونجد فى لسان العرب: وطَيْرُ شِمالٍ: كلُّ طير يُتَشاءَم به. وجَرى له غُرابُ شِمالٍ أَى ما يَكْرَه كأَنَّ الطائر إِنما أَتاه عن الشِّمال؛ قال أَبو ذؤيب: زَجَرْتَ لها طَيْرَ الشِّمال، فإِن تَكُنْ هَواك الذى تَهْوى، يُصِبْك اجْتِنابُها، والعَرَب تقول: فلان عِنْدى باليَمِين أَى بمنزلة حَسَنة، وإِذا خَسَّتْ مَنْزِلَتُه قالوا: أَنت عندى بالشِّمال.
وفى الهندوسية، فقد انقسمت إلى قسمين: dakshinachara و vamachara ، أو أيمن الدرب، وأشول الدرب .dakshinachara (وتُرجمت إلى أصحاب الدرب الأيمن)، يتألفون من الهندوس أصحاب الممارسات التقليدية كالزهد والتأمل، بينما vamachara (وترجمت إلى أصحاب الدرب الأيسر أو الأشول) كانت تشمل طقوسهم ما يتعارض مع اتجاه الهندوسية السائدة، كالقطوس الجنسية، استخدام المسكرات، التضحية الحيوانية، وأكل اللحم.
اليهودية
وتبدو أفضلية اليمين أيضا فى اليهودية بارزة، وبحسب كتاب "التلمـود (الذكر - الصلاة - الدعاء - تفسير الأحلام" تأليف ليلى إبراهيم أبو المجد، فإن الاعتقاد اليهودى أن التوراة أعطيت باليد اليمنى استناد إلى ما ورد فى تثنية 33/2 "وعن يمينه نار شريعة لهم"، كما أن اليهودية تفضل الأكل باليمين، كذلك يشار باليد اليمنى إلى علامات القراءة فى التوراة.
المسيحية
فى الديانة المسيحية، تمثل اليد اليمنى وهى رمز القوة (مز 21: 8). وتستعمل بالأكثر مضافة إلى اسم من أسماء الله (خر 15: 6 ومز 77: 10)، ووفقا لموقع الانبا تكلا، أحد أكبر المصادر المسيحية، اليد اليمنى فى القسم (اش 62: 8) وكان رفع اليد عند القسم عادة شائعة (تك 14: 22 وتث 32: 40). وكانت اليد التى ترفع هى اليد اليمنى (مز 144: 8 وجا 8: 2 واش 41: 10 وزك 8: 17).
كذلك اليد اليمنى فى الصداقة (غل 3: 9). وإذا أُعطى اليمين بغير أمانة صار ذلك أعظم دلالة على الغش (144: 8)، وهى أقوى عضو على العمل فى الجسد وأقدره (مت 5: 30)، والجانب الأيمن (1 مل 2: 19). وهو موضع الإكرام (أع 7: 55).
الإسلام
فى الإسلام فإن أصحاب اليمين هم الذين يأخذون كتابهم بيمينهم يوم القيامة، وقال ميمون بن مهران إنَّ أصحاب اليمين من كانت منزلتهم عن اليمين، وقال الحسن والربيع أن سموا بذلك لأنهم ميامين على أنفسهم أى مباركين، وقال السدى إنهم أصحاب الجنة وأهلها، وذكر على بن أحمد النيسابورى أنهم من يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة، وقال الزجاج إنَّهم أصحاب المنزلة الرفيعة، والقول الأخير ما ذكره زيد بن أسلم أنهم الذين أخذوا من شق آدم الأيمن.