إحدى الكتابات التى ارتكزت على الحديث عن الحج، والشعائر الإسلامية المقدسة، من وجهة نظر المستشرقين الأجانب الذين أحبوا الإسلام واعتنقوه، كان كتاب "الطريق إلى مكة" أوThe Road to Mecca ، وهو سيرة ذاتية لـ ليوبولد فايس الذى اسلم وأصبح محمد أسد، كتبها بنفسه عن إسلامه وكيف عرف هذا الدين وكيف أعجب به ودخل فيه، نشر فى أغسطس 1954.
ولد مؤلف الكتاب الراحل "محمد أسد" فى النمسا عام 1900، لأسرة يهودية مهاجرة وجرب دراسة الرياضيات والعلوم الدينية، لكنه انصرف عنها، وعقب الحرب العالمية الأولى التحق بالجيش ثم عمل مراسلاً صحفياً فى القدس والقاهرة وبغداد وهناك تعرف على الإسلام.
يحكى الكتاب رحلة كاتبه وسيرته الذاتية فى تحوله للإسلام، وسرد تلك الرحلة فى معتبرًا أن نشأته اليهودية أبعدته عن دين آباؤه، وأن الفراغ الذى شهدته أوروبا عقب الحرب العالمية الأولى جعله يتعمق فى الفلسفة حيث عانى من أزمة روحية، فيما يروى بأن تعرفه على الإسلام كان بداية الشعور أن ذلك الطريق هو السبيل الوحيد لسد ذلك الفراغ الروحى الذى عانى منه.
فى كتابه يحكى "أسد" عن الرحلة الطويلة الجميلة، رحلة فكر وجسد، خبرات حياة، معرفة وانكشاف شخصيته حتى له نفسه، كنت أغار منه كثيرًا وأنا أقرأ عن مغامراته ورحلاته. وعن رحلته الفكرية والروحية بقدر ما هى جسدية أو أكثر، رحلته المبتدئة بإصراره ليصبح كاتبًا، لفتاته اللطيفة والمعلومات التى يطرحها عن عالم الكتابة والصحافة وعلاقات الكتاب ببعضهم.
عن المدنية التى تأخرنا عنها، ونخجل، عن كيف تأكلنا وتحورنا وليست كلها عيبًا، عن من سبقونا إليها، ففقدوا أكثر مما فقدنا ولا زلنا نتتبع نفس طريق الفقد.
ويقول المؤلف فى مقدمة كتابه :" ما أرويه فى هذا الكتاب لا يعد سيرة ذاتية لامرىء يشعر بالفخر لدور قام به فى الحياة العامة، كما لا يعد رواية لمغامرات خضتها - على الرغم من أننى صادفت مغامرات عجيبة فإنها لم تمثل لى أكثر من مجرد أحداث مرافقة ومصاحبة لما كان يدور فى داخلى وما أصادفه، عدا كل ذلك فهو لا يعد قصة حياة رجل يفتش بقصد ونية عن إيمان عميق أو عقيدة بذاتها، فذلك الايمان حل على عبر رحلة السنين دون أن أسعى إلية، حكايتى ببساطة هى حكاية اكتشاف رجل أوروبى للإسلام كدين متكامل فى أى مجتمع إسلامى".