أحد الكتابات التى وثقت لرحلة الحج القديم، وإقامة المسلمين فى المشاعر المقدسة، هو كتاب "مصور فى الحج.. رحلات محمد أفندى السعودى" (1904- 1908) تأليف فريد قيومجى كحيل - روبرت جراهام، ويعد كتاب مصور فى الحج تأريخا مصورا لرحلة الحج والأماكن المقدسة فى مكة المكرمة و المدينة المنورة.
وتعكس يوميات المصور محمد على أفندى السعودى، وهى موضوع هذا الكتاب رؤية نادرة، عبر عينين مصريتين، لرحلة الحج التى قامت بها الحملة المصرية فى مطلع القرن العشرين، إبان حكم الإمبراطورية العثمانية، ويتزامن مع تشيد سكة الحجاز الحديدية، التى ستغير طرق الحج المعتادة.
ويحكى لنا السعودى تفاصيل رحلته الثانية إلى الديار المقدسة، برفقة إبراهيم رفعت باشا، أمير الحج المسؤول عن قافلة الحج المصرية آنذاك، وتجمع حكاية اليوميات أفكار المسلم الورع، والتفاصيل المتعلقة بالمخاطر الصحية، وتلك الأخطار التى واجهها الحجاج فى رحلتهم البرية والمصاعب المرتبطة بعملية التقاط الصور الفوتوغرافية ذاتها.
ولقد قام المؤلفان باختزال اليوميات وتقديمها فى صورة سردية مدعمة باقتباسات اختيرت بعناية، وصور فوتوغرافية نادرة التقطها السعودى بنفسه.
ويتميز الكتاب بصوره الفوتوغرافية النادرة التى تعكس الثقافة الإسلامية والمفاهيم الاجتماعية التى ارتبطت بشعيرة الحج كما عاشها السعودى الذى يصف عبر هذه الصور تغير الطبيعة المادية للحج ذاته، بسبب الطريق البحرى الممتد من السويس حتى جدة، والذى جعل وصول الحجاج المصريين إلى الأراضى المقدسة أسرع وأسهل، ما شجع المزيد من الأشخاص على الخروج إلى الحج، لذلك تضاعف عدد الحجاج فى القوافل المصرية فى الفترة الواقعة بين رحلة الحج الأولى التى قام بها السعودى، ورحلته الثانية التى اصطحب فيها والدته معه.
ويبين الكتاب كيف باتت وسائل مكافحة الأمراض أكثر صرامة، وكيف سعت السلطات البريطانية إلى منع انتشار الكوليرا ناحية الغرب، بسبب الحجاج المسلمين القادمين من الهند، خصوصاً بعد ظهور نوع جديد من البكتيريا المسبّبة للكوليرا في عام 1905 في إحدى محطات المحمل الواقعة في الطور على ساحل سيناء، إذ اكتشف وجودها مجموعة من الأطباء الذين قاموا بفحص الحجاج العائدين من الأراضي المقدسة.