عقد المجلس الأعلى للثقافة، بأمانة الدكتور هشام عزمى، ندوة بعنوان "حول الهوية الوطنية والتحديات الإقليمية المعاصرة"، والتى تنظمها لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا بالمجلس، مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية المقررة للوقاية من فيروس كورونا، بمشاركة الدكتور أحمد مجدى حجازى، الدكتور مراد وهبة، الدكتور مصطفى النشار، وأدارها الدكتور أسامة عبد البارى.
قال الدكتور أسامة عبد البارى، إننا نناقش قضية على أعلى درجات الأهمية، لأنها قضية وجودية فى المقام الأول، وبما أن حديثنا عن مفهوم الهوية وربطها بصفة المواطنة لها أهميتها الكبيرة وخصوصاً فى هذه الفترة، وأنه تم اختيار العنوان فى بداية لقاءاتنا الشهرية ارتبط بزخم كبير من المناقشات فى اللجنة، انتهت إلى انه لابد أن تكون البداية على درجة كبيرة من القوة من حيث الموضوع ومن حيث السادة المتحدثين، وهذا يرجع إلى محاولة الربط بين الحس الفلسفى والاجتماعى والقضايا التى تهم مجتمعنا المصرى بشكل أساسى، خاصاً أن تحديد مفهوم الهوية يرتبط بعناصر مادية واجتماعية وثقافية وسياسية، إلا أن تحقيق مفهوم الهوية فى الشكل المعاصر أصبح يأخذ منحاً مختلف يرتبط بما يدور حولنا من صراعات إقليمية سواء على المستوى الاجتماعى أو الاقتصادى ومن هنا بدأت تتعدد الانتماءات واختلفت عما سبق، وخصوصا بين أجيال متنوعة ومتعددة من الشباب.
وقال المفكر الدكتور مراد وهبة، عبر تسجيل فيديو تم بثه خلال الندوة، حيث اعتذر عن عدم تمكنه من الحضور بسبب حالته الصحية، وأنه كان يرغب فى المشاركة بالحضور فى هذه الجلسة الافتتاحية، ولكن مطلباً طبياً جعل بقاءه بالمنزل أمر ضرورى، وتحدث حول موضوع رؤية مستقبلية للتحديات القائمة، وأشار إلى أنه إذا كان لكل زمان نخبة، فمعنى هذا أن لدينا نخبتين، إحداهما يمكن أن يقال عنها أنها نخبة ما قبل إلا أن صفتها على هذا النحو يلزم منها القول بأن مروراً افتراضى قد انتهى وهو الأمر الذى دفع الزعيم الدرزى "وليد جنبلاط"، بعد احتراق مرفأ بيروت، إلى قول عبارة ترقى إلى مستوى الحكمة قال "نحن قد أصبحنا من الماضي".
أما عن النخبة الثانية، فأوضح المفكر مراد وهبة، يمكن أن يقال عنها أنها نخبة ما بعد، إنها نخبة جديدة بفكر جديد وبمصطلحات جديدة فى مواجهة تحديات جديدة، ومن هنا تكون على هذه النخبة مسئولية تحديد هويتها، وفى هذا المعنى يمكن أن يقال على هذا الصالون الثقافى أنه المقر الذى ولدت فيه هذه النخبة الجديدة، ومن ثم يكون فى الإمكان وضع لوحة على مدخله مكتوب عليها "هنا مولد النخبة الجديدة" وشعارها "نحن نريد أن نصبح من المستقبل".
وأوضح الدكتور أحمد مجدى حجازى، عن حقوق الإنسان وسؤال المواطنة نحو بناء مواطن إنسان، الموضوع يرتبط بحقوق الإنسان بشكل عام والهوية والمواطنة بشكل أساسى ومحاولة التفكير فى بناء إنسان جديد، إنسان يرتبط بملامح إنسانية معينة يجب أن نتحلى بها بشكل عام، ولذك أختار نظرية أساسية هى ما تسمى: Human security هذه النظرية يمكن أن تشكل ما نسميه المواطن النشط أو المواطن الفاعل، وعرض عدة تساؤلات يمكن الإجابة عنها فى هذا الموضوع منها "لماذا يروج الإنسان فى لحظة ما شعور بفقدان الوطنية وفى أى ظروف دنيوية يفتقد هذه القيم أو قيم المواطنة؟"، وعرض أيضا تساؤل آخر وهو "هل إحساس بالهوية الوطنية متأصل فى التراث الثقافى للأمة أم هو يقبل التغيير؟"، إذا افترضنا الهوية الثابتة والشعور الأصيل بالمواطنة يبقى السؤال المشكل "لماذا وكيف ومتى يتحلى الإنسان أو يبحث عن هوية أخرى؟"، أسئلة وإشكاليات مُثارة وجدال دائر بين جماعات من المثقفين ورجال الفكر والاجتماع تبحث عن إيجابيات مقنعة.
وتحدث الدكتور مصطفى النشار، عن الهوية الوطنية بين الواقع المادى والواقع الافتراضي، وبدأ كلمته بعدة تساؤلات "ماذا تعنى الهوية؟"، وإذا سأل أى إنسان نفسه "ما هى هويتى؟"، فبماذا يجيب؟، أو سألك أحد "من أنت؟"، فماذا تقول؟ "اسمك، متى ولدت، مكان الميلاد، التعليم والتربية"، وأكد أنه يوجد بعد تاريخى وبعد اجتماعى وبعد بيئى وبعد مكانى، بعد تعليمى، بعد ثقافى، إلى أخر هذه الأبعاد، فكل هذه الأبعاد تشكل من أنا، وإضافة كلمة الوطنية إلى الهوية، تعنى الوطن، فالهوية الشخصية نابعة من المواطنة فى هذا الوطن، وهى التى تجعلنا ننتمى لهذا الوطن، والهوية الوطنية تواجه تحديات تنعكس على الهوية الشخصية، فالتحديات التى تواجه الوطن، هى تواجه كل فرد من أبناء الوطن.
وأكد الدكتور مصطفى النشار، على أن تحدى التكنولوجيا هو أخطر التحديات، وهو تحدى ضياع الهوية المادية فيما يسمى الآن فى الهوية الافتراضية، فالشباب يتسألون الآن "أين توجد على الشبكة؟" بدلا من "من أين أنت؟"، وهذا هو التهديد الحقيقى للهوية الوطنية والهوية الشخصية، فالواقع المادى ليس فيه شيء من الواقع الافتراضى، فالآن أصبح الواقع الافتراضى يهدد الواقع المادى، وأصبح الواقع الجسدى يذوب فى الواقع المعلوماتى والواقع الافتراضى.