تعود اليوم صلاة الجمعة كما عهدناها، بعد نحو 20 أسبوعا من التوقف بسبب انتشار فيروس كورونا، لكن ماذا عن تاريخ يوم الجمعة، ومتى فرضت الصلاة على المسلمين؟
جاء فى مسند أحمد عن السيدة عائشة، رضى الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما ذُكرت عنده اليهود قال: "إنهم لن يحسدونا على شىء كما يحسدونا على الجُمعة التى هدانا الله لها وضلُّوا عنها وعلى القِبْلَة التى هدانا الله لها وضلُّوا عنها وعلى قوْلنا خلف الإمام آمين".
يوم الجمعة كان يُسمى فى الجاهلية "يوم العَروبة"، بفتح العين، والعروبة معناها الرحمة، وجاء فى "الروْض الأنُف" للسهيلى على سيرة ابن هشام أن كعب بن لؤى ـ أحد أجداد النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو أول من جمَع يوم العَروبة ولم تُسم العروبة الجمعة إلا منذ جاء الإسلام فى قول بعضهم وقيل: هو أول من سمَّاها الجمعة، فكانت قريش تجتمع إليه فى هذا اليوم، فيخطبهم ويُذَكِّرهم بمبعث النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويُعْلِمهُم أنه من ولده، ويأمرهم باتِّباعه والإيمان به، وقد ذكر الماوردى هذا الخبر عن كعب فى كتاب الأحكام السلطانية.
وصلاة الجمعة فُرِضَتْ بمكة قبل الهجرة، كما أخرجه الدار قطنى عن ابن عباس، رضى الله عنهما، ولم يتمَكَّن النبى، صلى الله عليه وسلم، من إقامتها بها، وذلك لقِلة عدد المسلمين، أو لضعف شوْكَتهم أمام قوة المشركين، فلمَّا هاجر من هاجر من الصحابة إلى المدينة، كتب إلى مصعب بن عُمَير، وهو أول من أوفده النبى، صلى الله عليه وسلم، من مكة مع المسلمين من الأنصار ليُعَلِّمهم ثم قَدم بعده عبد الله بن أم مكتوم ـ : أما بعد فانظر اليوم الذى تجْهَر فيه اليهود بالزَّبور لسَبْتِهِم، فاجمعوا نساءكم وأبناءكم، فإذا مال النهار عن شطره عند الزوال من يوم الجمعة فتقرَّبوا إلى الله بركعتين.
وعلى هذا يكون مُصعب أول من صلَّى بهم الجمعة فى المدينة، وكان عددهم اثنى عشر رجلاً، كما فى حديث الطبرانى عن أبى مسعود الأنصارى، وهذا الحديث ضعيف.
وهناك قولٌ آخر بأن أول من جمع بهم هو أبو أمامه أسعد بن زُرَارَة الذى نزل عليه مصعب بن عمير، يقول عبد الرحمن بن كعب بن مالك ـ الذى كان يقود أباه كعبًا إلى المسجد ـ : كان أبى إذا توجَّه لصلاة الجمعة وسمع الأذان استغفر لأبى أُمَامة، ولمَّا سأله لماذا يستغفر له قال: كان أول من جمع بنا فى المدينة فى هزم النبيت من حرة بنى بياضة فى نقيع يُقال له نقيع الخضمات، وكانوا يومئذٍ أربعين رجلاً، والقول بهذا رواه أبو داود وابن حِبان وابن ماجه والبيهقى وصححه، وقال ابن حجر: إسناده حسن.