يبدو أن "فرس النهر" كان قديما يعيش على ضفاف النهر فى مصر، كان جزءا من الحياة نفسها، ومع الزمن لم نعد نراه إلا فى حديقة الحيوان أو على شاشات التليفزيون، مع أن التاريخ القديم يشير بقوة إلى دوره فى الحضارة، حتى أننا نجد تماثيل له فى المتاحف.
استطاع المصرى القديم أن يراقب فرس النهر ثم اتخذ منه رمزا للحماية، خاصة الأنثى، التى لاحظ أنها تقوم بالدفاع عن صغارها بشراسة، لذا جسدها على جدران المعابد والمقابر فى هيئة حيوان واقف مستعد للانقضاض على فرائسه.
عرفت أنثى فرس النهر بالعديد من الأسماء، كان أقدمها الاسم الذى عرفت بها إبى بمعنى "المُرضعة والحاضنة" وظهر هذا الاسم فى نصوص الأهرام، وتغير شكل كتابته بعد ذلك ليصبح Ipt أى إبت، وهنا يجب عدم الخلطة بينها وبين الإلهة إبت، كما عرفت أيضاً باسم دت، بمعنى البيضاء، وهذا فضلاً عن الاسم رِرت، والذى عرفت به منذ الأسرة الثامنة عشرة".
ولعل أشهر الأسماء التى عرفت بها كان تاورت، ويعنى العظيمة، ويعد هذا الاسم هو أكثر الأسماء شيوعاً لها، وتظهر الربة تاورت عادةً على هيئة أنثى فرس النهر منتصبة على أقدامها الخلفية التى تتخذ شكل أقدام الأسد، وتستند بإحدى يديها على علامة الحماية.
سقنن رع والحرب على الهكسوس
مما يذكر فى التاريخ الفرعونى أن الملك "سقنن رع" ملك طيبة أعلن الحرب على "الهكسوس" الذين كانوا يحتلون البلاد، بسبب "فرس النهر" وقد انتهت هذه الحرب بتحرير مصر من المستعمرين.
وجاءت القصة حسبما ذكرها كتاب "موسوعة مصر القديمة" لـ عالم المصريات الكبير "سليم حسن" ظاهر الخلاف هو أن "أبو فيس" ملك الهكسوس ادعى وهو فى "أواريس" الواقعة فى شمال الدلتا أن أصوات أفراس البحر التى تعيش فى "بحيرة طيبة" تزعجه وتقض مضجعه لقوتها، على الرغم من أن المسافة بين "طيبة" و"أواريس" تبلغ نحو 500 ميل، وأنه لذلك يأمر ملك "طيبة" أن يبيد فرس البحر الذى يسكن فى تلك البحيرة.
وتدلنا القصة على سرعة بديهة "سقنن رع"، أو سرعة خاطر نصحائه الذين كانوا حوله، فأحسنوا الرد على ملك الهكسوس، وإذا صحَّ ذلك كان طلب ملك الهكسوس الغريب مجرد ذريعة اتخذها لإعلان الحرب على ملك "طيبة" الذى كان على ما يظهر يكيد له، وتكون قصة الذئب والحمل التى نتناقلها ونتمثل بها فى التاريخ الحديث صدى لأختها قصة فرس البحر فى عصر الهكسوس.