تعد رواية "وراء الفردوس" للكاتبة الروائية منصورة عز الدين، واحدة من أشهر أعمال الكاتبة الكبيرة، حيث صدرت الرواية لأوّل مرة عام 2009 عن دار العين للنشر، ودخلت فى القائمة النهائية "القصيرة" للجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" لعام 2010، وكانت أولى أعمالها المترجمة إلى الألمانية.
وتتناول الرواية الطبقة البورجوازية فى الريف، وذلك من خلال شخصية سلمى التى تعمل محرّرة فى جريدة أدبية وتحاول أن تتخلّص من ماض طويل محمّل بذكريات أليمة وصور سلبية عن الذات، مما شجعها على كتابة رواية خاصّة بها، تسرد فيها تاريخ العائلة، تاريخ الحب، تاريخ الجسد، تاريخ الحراك الطبقى داخل القرية، تاريخ الجنون، تاريخ الكتابة.
تحكى رواية "وراء الفردوس" حكاية طفولة وصبا، حكاية عائلة، وسيرة منطقة فى دلتا النيل: "إذا قُدِر لأحدهم يوماً أن يسير بجوار النيل، فى تلك البقعة النائية من وسط الدلتا، سوف يرى حتماً بقايا بستان برتقال ونخيل، كان يشغل حوالى خمسة أفدنة من الأراضى الملاصقة للنهر قبل أن يتحول فدانان منها إلى مصنع جديد للطوب الطفلى يغطى بضجيجه على كل ما حوله، لو دقق النظر سوف يبصر بيتا جميلاً أبيض اللون يجاوره ثلاثة أبراج حمام باللون نفسه. هذا هو البيت الذى بناه رشيد حين رغب فى الاستقلال بحياته عن بيت العائلة الكبير".
رشيد هو والد البطلة سلمى التى تعود بعد عام من وفاته إلى مسقط رأسها فى دلتا النيل، وهناك تتذكر – وكأنها تعيش أحلام يقظة – شذرات من طفولتها وشبابها، كما تتذكر ما كانوا يحكونه لها، أو ما لم يُحك أبداً، غير أنه تسلل إلى وعيها بالرغم من ذلك. فى الوقت نفسه تحاول البطلة كتابة رواية عن عائلتها وهو ما يسير بالرواية إلى مناطق غامضة ملغزة: إذ تقوم البطلة بإكمال الذكريات المتشظية والمتناثرة، كما تضع تلك الذكريات موضع تساؤل.
وهكذا تنشأ بانوراما فنية متعددة الأشكال لمصر الريفية فى تلك الفترة، ولتاريخ التصنيع فيها، وهى بانوراما متعددة الألوان نجحت فى إحياء ذلك العالم، وخصوصاً بفضل الشخصيات النسائية المتنوعة كل التنوع – بدءاً بالجدة القوية التى تدير بنجاح شؤون التجارة وتحرك زوجها كدمية، مثله مثل كافة الرجال فى البيت، مروراً بـ"بدر" المتخلفة عقلياً ومارجو التى تأتى بانتظام فى الإجازات الصيفية حاملة معها من القاهرة عبق العالم البعيد والمدنية الزائفة، وصولاً إلى شقيقة البطلة التى تصبح مع الأيام امرأة ضيقة الأفق راضية عن ضيق أفقها. أما الشخصية التى تنعكس عليها معظم ملامح صورة سلمى فهى جميلة، ابنة زوجة العم وصديقة سلمى فى الماضي.
منصورة عز الدين، كاتبة وصحفية مصرية، اُختيرت فى عام 2010 فى مهرجان بيروت الأدبى ضمن 39 كاتبة وكاتباً من أهم الأصوات الأدبية الشابة التى تكتب باللغة العربية، كما رُشحت روايتها "وراء الفردوس" فى عام 2009 لجائزة بوكر العربية ووصلت إلى قائمتها القصيرة، "وراء الفردوس" تُرجمت حديثاً إلى اللغة الألمانية وصدرت لدى دار "أونيون" السويسرية ليكون العمل الأول للكاتبة الذى يصدر بالألمانية. وقد جاء نشر الرواية، على غير توقع، فى الوقت الذى تغيرت فيه النظرة إلى الأدب العربية تغيراً كبيراً، والأمل أن يؤدى ذلك إلى نظرة ثاقبة أكثر دقة. على كل حال فإن هذه النظرة أضحت سياسية.