كلما أنجز مشروعا دعا للاحتفال وكأنه فتح عكا.. وكلما تقدم خطوة للأمام هلل وزمر مدعيا أنها إنجازه هو شخصيا.. هذا حال كثير من مسئولى الحكومة الذين يتعاملون بثقافة مناقضة تماما لما عليه الرئيس.
المتأمل لطريقة الرئيس الجديدة فى افتتاح المشروعات يلحظ عدة أمور توضح رؤيته فى العلاقة بين القائد والمرؤوس، وتكشف رسالة ترسخ لفلسفة جديدة فى الاحتفاء بالمشروعات والإنجازات.. تسدى الشكر لمن صنع المعروف، لا تتجاهل الجنود على أرض معركة التنمية كما يفعل كثير من المسئولين. فالرئيس يضع قيمة جديدة بين أيدينا وهى نكران الذات وإعلاء قيمة الفرد فى منظومة لم تكن تهتم سوى بالقيادات من محافظين ووزراء ورؤساء هيئات ووكلاء وزارة.
فقد عبرت آلية تنظيم احتفالات افتتاح الرئيس للمشروعات الجديدة عن رؤية جديدة تستحق الإشادة. . ففى المقدمة يظهر أصحاب الإنجاز الحقيقى على الأرض.. العمال والمهندسون الذين تشربت الرمال من عرقهم فى البناء والتعمير. لاحظنا فى فعاليات افتتاح الرئيس لمشروعات التنمية اتباع طريقة الفيديو كونفرانس ورفع الستار عن اللوحة التذكارية لكل مشروع من قبل المشرف الهندسى. . لا المحافظ الذى تكاسل أو رئيس الهيئة الذى قصر فى عمله.. فالرئيس يعى تماما أهمية أن يكون من سهر وتعب على إنجاز المشروع فى الطليعة وفى قلب الصورة. . ويعرف تمام اليقين أن ظهور أحد غيره فى اللقطة لن يقلل من حجم ما تم إنجازه.. فقط كل تفكيره يدور حول ظهور أصحاب الفضل فى الإنجاز.
على النقيض تماما اعرف وزراء ومحافظون لا يريدون أن يظهر غيرهم فى الصورة فكلما أنجز قطاعا أو هينة أو مركزا إنجازا أو أقام احتفالية أو معرضا أو مهرجانا حظر على مرؤوسيه افتتاحه بدونه لكى يحافظ على صورته فى قلب اللقطة.. وهى المتعارف عليها بثقافة اللقطة فى منظومة الإدارة الحكومية بمصر.
رغم أن الرئيس دائما يسعى للتغيير فى ثقافة وأسلوب الإدارة الحكومية إلا أن كثيرا من الوزراء يقدمون على ترسيخ الفلسفة القديمة العقيمة التى عفا عليها الزمن فيما قبل ثورتى 25 يناير و30 يونيو. فهناك وزراء يحظرون على مرؤوسيهم فى الهيئات والقطاعات والإدارات المختلفة إصدار بيان صحفى دون اسمه وعبارة "تحت رعاية فلان الفلانى الوزير أو المحافظ".
لم ألحظ أيضا فى افتتاحات الرئيس الزفة البلدى التى ينتهجها كثير من المسئولين فى الحكومة.. بل إن ثقافة الرئيس فى الاحتفاء بالإنجازات تتعدى كل تفاصيل الفكر العقيم الذى يتعامل به بعض وزراء الحكومة. فاحتفال الرئيس مؤخرا فى مدينة بدر، بافتتاح 32 مشروعا جملة واحدة دون ضجيج يعبر عن فلسفة الرئيس وكأن لسان حاله يقول أن هذه لا تكفى ولا تفى حق هذا الشعب العظيم، فلم يتجه الرئيس لتنظيم احتفال كل يوم لافتتاح مشروع واحد ليصبح الافتتاح الذى اكتملت وقائعه فى بضع ساعات موزعا على 32 يوما، فهو لا يتعامل بمنطق مهرجانات الافتتاحات التى يطبقها كثير من الوزراء والمحافظين.
أتذكر قصة فيلم التقرير للعبقرى محمد الماغوط وموقف الفنان السورى دريد لحام الذى قام بدور عزمى بك فى الفيلم، عندما اعترض على ميزانية الاحتفال بمشروع الحنفية حين وجد أن ميزانية الاحتفال تصل إلى ضعف ما تم إنفاقه على المشروع نفسه..ثم زاد الطين بلة أنه ورد على اللوحة التذكارية للمشروع أسماء جميع القيادات على رأسهم اسم معالى رئيس الهيئة الفلانى ثم فلان وفلان وفلان.. وكان المشروع عبارة عن حنفية.
نفس الشىء يحدث من قبل بعض الوزراء.. حيث يحتفل بعضهم بمشروعات دون المستوى تبدو كالفنكوش الذى تتجاوز دعايته وتكاليف الاحتفاء به قيمته الحقيقية والتنموية.. كما أن بعضهم يحتفل بقرار خصم او تخفيضات للمواطنين وكأنه يعطيهم من جيبه الخاص.. وهناك وزراء انجازاتهم فى التقارير الرسمية عبارة عن مجموعة حفلات ومؤتمرات. . وآخرون يعملون بمنهج السطو على انجازات سابقيهم.. وغيرها كثير.
ثقافة الرئيس فى الإدارة والإنجاز يجب أن تعم أروقة الحكومة فى مكاتب الوزراء و المحافظين. . وأعتقد أنه لا مكان فى هذه الحكومة لمن يفكر بغير منطق الرئيس ومن هم دون ثقافته من أمثال وزراء الحنفية.