هل سمعت من قبل كلمة "الأريوسية"؟ هل فكرت فى معناها، وأنها قد تكون طريقة لفهم الدين المسيحى، بل هى أكثر من ذلك إنها عقيدة تبناها البعض، لكن تعالوا معا نعرف ما "الأريوسية" وما الذى جرى لها؟
نشأت "الأريوسية" فى القرن الرابع الميلادى، وعند ظهورها أثارت جدلا حادا فى الأوساط الكهنوتية المسيحية، وكان موضوعها هو أصل ما حدث فى مجمع "نيقية" المسكونى وقد انتهى المجمع على إدانتها بـ الهرطقة.
وتنسب الأريوسية الى "أريوس" أحد كهنة الإسكندرية الذى عين قسا فيها سنة "311 م"، وكان معروفا بالورع وبارعا فى الجدل والكلام، تأثر بمدرسة "أنطاكية" اللاهوتية وبمؤسسها "لوكيانوس".
تبنى "أريوس" مبدأ التبعية الذى نادى به حول علاقة الابن يسوع بالاب حيث يقول : على الرغم من أن المسيح له وجود سابق إلا أن وجوده لم يكن من قبل الأزل.
تعتمد الأريوسية على المحافظة ضمن الاقانيم الثلاثة على أفضلية الأب فهو الوحيد الذى يكون غير مولود وغير متغير والأزلى والوحيد فى الكينونة، والوحيد الذى لا بنية له، وهو الإله الوحيد الحقيقى لأنه هو الكائن الوحيد الذى خلق كل الكائنات.
ما يذكره التاريخ أنه فى 20 مايو من عام 325 ميلادية وجه بابا كنيسة الإسكندرية خطابا إلى الإمبراطور الرومانى قسطنطين يطالب بعقد مجمع لمناقشة بعض القضايا الدينية فكان مجمع نيقيةالأول، بمشاركة 318 أسقفا.
جاء طلب البابا من وجهة نظره للوقوف فى وجه أفكار آريوس السكندرى، فمن هو آريوس وما هى أفكاره، وما مصيره؟
عاش آريوس فى الفترة بين (256 - 336 م) وكان فى الأصل مواطناً ليبيا وكانت ليبيا تابعة لكنيسة الإسكندرية، تلقى تعليمه اللاهوتى فى أنطاكية فى مدرسة لوقيانوس، وعندما ذهب إلى الإسكندرية وخدم فيها عينه البابا بطرس بابا الإسكندرية شماساً.
كان آريوس ذا موهبة فى الخطابة فصيحاً بليغا قادر على توصيل أفكاره بسلاسة بين العامة والمفكرين ونشر آريوس أفكاره عن المسيح مستغلاً مركزه كشماس وواعظ فى الإسكندرية، وكانت فكرته تتلخص فى: "أن المسيح مخلوق وليس أزليا مثل الله"، لكن الأساقفة هاجموه مدعين أن آراءه وثنية، واعتبروا تفكيره كفراً وزندقة، واشتعلت نار الخلاف وتأججت نار الفرقة عندما قال آريوس عن المسيح كلمة الإله : "إنه خالق ومخلوق.. خالق الكون ومخلوق من الإله"، وقالت الكنيسة: "أن المسيح مولود غير مخلوق، وهو كان بأقنومه الأزلى قبل أن يولد من العذراء مريم بل قبل الدهور، ومنذ الأزل،وهو من ذات جــــوهر الآب، ومن طبعه، وأنه لم تمر لحظة من الزمان من الزمن كان الآب موجودا من دون اللوجوس (الكلمة) وهو المسيح قبــــل التجـســــــد".
كان آريوس يقول بأنّ الكلمة ليست بإله، بل بما أنه "مولود" من الله الآب فهو لا يُشاركه طبيعتهِ، بل تقوم بينهما علاقة "تبنّي"، فالكلمة إذاً ليس بأزلى بل هو مجرد خليقة ثانويّة أو خاضعة.
حُرِمَ آريوس وأنصاره فى المجمع المسكونّى النيقاوى الأوّل عام 325 وعلى إثره نُفى.
فى عام 334 أعادَ الإمبراطور قسطنطين آريوس من منفاهُ، ولكنه مات فجأة فى سنة 336 ميلادية.
وقد تلاشت الأريوسية بين عامى 381 _ 394 م، حيث صدرت قوانين ضد الهرطقة وخصوصا الأريوسية.