الفونس دى لامارتين، "21 أكتوبر 1790 - 28 فبراير 1869م"، كاتب وشاعر وسياسى فرنسى، ويعد أحد أكبر شعراء المدرسة الرومانسية الفرنسية، كما أن له جولات كبيرة فى الحياة السياسية، حيث تولى رئاسة الحكومة المؤقتة، بعد ثورة 1848م، لكنه اعتزل السياسة بعد تولى نابليون الثالث سدة الحكم عام 1852م، ليتفرغ للكتابة والإبداع، لدرجة أنه فى أواخر أيام حياته كان يكتب كثيرًا حتى يستطيع أن يأكل.
كان لامارتين فى بداية حياته كثير السفر، وقد كان ينتمى إلى طبقة النبلاء الفرنسيين، وهى أعلى طبقة فى ذلك الزمان، تحت إشراف والدته التي لم تكن تطلب منه أكثر من أن يكون إنساناً حقيقياً وطيباً، كما يقول هو حرفياً.
استطاع لامارتين أن يكمل دراسته في أحد المعاهد اليسوعية، التابعة للمسيحيين، وغادر إلى إيطاليا عام (1811) وبقي فيها حتى عام 1814م، أى حتى سقوط النظام الإمبراطورى بقيادة نابليون بونابرت عودة الملك لويس الثامن عشر إلى الحكم ثم راح يهتم بالأدب والشعر وينشر أولى مجموعاته الشعرية عام 1820 تحت عنوان "تأملات شعرية"، وكان يبلغ من العمر وقتها 31 عامًا.
وعقب نشر لامارتين مجموعته الشعرية الأولى حقق نجاحًا كبيرًا فى يوم وليلة، حيث أصبح شاعرًا مشهورًا يشار إليه بالبنان، وبعد ثلاث سنوات من ذلك التاريخ أصدرمجموعة شعرية ثانية تحت عنوان "تأملات شعرية جديدة"، ثم نشر بعد ذلك عدة كتب من بينها موت سقراط، وآخر أنشودة جحيم للطفل هارولد.
وكان لامارتين مناصرًا للثورة الفرنسية رغم أصله النبيل، ولم تمنعه مكتسباتها التى ألغت امتيازات طبقته عن الدفاع عن حقوق الفقراء والمطالبة بإلغاء نظام الرق، كما أعلن معارضته لحكم الملك "لويس فيليب"، وكان واحدًا من قادة ثورة ١٨٤٨م التى قامت ضده، حتى إنه تقلد المناصب فى حكومة الثورة ووصل إلى منصب وزير خارجية فرنسا، ثم اعتزل الحياة السياسية مع عودة نابليون للحكم عام ١٨٥٢م، وتفرغ للأدب والفن.
ولأنه لم يكن يبحث عن مواقع سلطوى، عانى كثيرًا من شدة احتياجه فى أواخر أيام حياته، واضطر إلى قبول هبة من الدولة فى عام 1867م، ونتج عن ذلك أن وجه له عدد كبير من المثقفين آنذاك انتقاد حادا واتهموه بالتواطؤ مع الديكتاتور المستبد نابليون الثالث.
من أشهر أعماله "تأملات شعرية"، و "جوسلين"، و"سقوط ملاك"، و من أشهر قصائده قصيدة البحيرة التي ترجمها للعربية نقولا فياض، كما أنه أصدر كتابه الشهير "حياة محمد"، الذى تعرض بسببه إلى حملات فى أوروبا، فقد اعتبره البعض باع نفسه للمسلمين، وكانت رد فعل العالم الإسلامى مماثلة، حيث تم اتهامه بالتجنى وعدم والفهم، فكان موضع انتقاد حاد من الطرفين المتناقضين حينها.
ويقول عبد العزيز سعود البابطين فى مقدمة كتاب "مختارات من حياة محمد" إن لامارتين ليس بلاهوتى أو رجل دين متخصص ولا هو بمؤرخ محترف، وأن ما صدر له من أعمال كانت بدوافع عديدة منها رومانسيته التى قادته إلى حب الشرق وطبيعته، وتقديره لدين الشرق الرئيسى وهو الإسلام وإعجابه به.