هل استعان القرآن بمفردات فارسية وآرامية.. مدير مشروع المعجم التاريخى للغة العربية يجيب

أسئلة كثيرة كانت تثير مخاوف من يفكر فيها بأن يلقى بها حتى على المتخصصين، لكن صدور المعجم التاريخى للغة العربية من مجمع اللغة العربية بالشارقة بالتعاون مع اتحاد المجامع اللغوية فى 9 دول عربية ومنها مصر بعد حوالى 88 عاما من التفكير فى إعداده، جعلنا نسأل: هل اللغة العربية فعلا لغة قديمة مقارنة باللغات الأخرى مثل الفرعونية والفارسية والآرامية وحتى الإنجليزية؟ وكم يبلغ عمر لغتنا الجميلة؟ وهل استعان القرآن الكريم بمفردات غير عربية وماذا يعنى ذلك فى الرد على انتقاد بعض المستشرقين، وكيف ينظر المتخصصون فى لغة الضاد إلى قضية هجرة المفردات من وإلى القرآن، وما عدد كلمات اللغة العربية؟ وهل كانت لغة آدم عليه السلام والتى علمه المولى سبحانه وتعالى أسماء الأشياء هى اللغة العربية فعلا؟ هذه الأسئلة وغيرها طرحناها على الدكتور محمد صافى مستغانمى، أمين عام مجمع اللغة العربية بالشارقة المدير التنفيذى للمشروع الذى يترأسه الشيخ سلطان بن محمد القاسمى حاكم الشارقة، والذى أجاب بأنه تاريخيا فقد تم إنشاء مجمع اللغة العربية بالقاهرة فى عام 1932 لإعداد معجم تاريخى للغة العربية، وبعدها بأربعة سنوات شكل المجمع لجنة لإعداد المشروع بإشراف المستشرق الألمانى فيشر أوجست لكن اللجنة توقفت بعد فترة بسبب الحرب العالمية الثانية، وفى عام 1972 تأسس اتحاد المجامع اللغوية برئاسة الدكتور طه حسين فى القاهرة وتولى مباشرة مشروع المعجم التاريخى للغة العربية، لكن المشروع تعثر مرة أخرى لأسباب متفرقة منها وفاة الدكتور طه حسين وعجز التمويل. وفى عام 2016 تعهد الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى بتكفله بالإنفاق على المشروع عبر مظلة اتحاد المجامع اللغوية فى القاهرة، وفى نفس العام أنشأ الشيخ القاسمى مجمع اللغة العربية بالشارقة وأسند إليه متابعة المشروع تحت مظلة اتحاد المجامع اللغوية العربية، وفى عام 2019 قام مجمع اللغة العربية بالشارقة بإنشاء المدونة الحاسوبية للمعجم التاريخى للغة العربية، وشرعت اللجنة العلمية فى تدريب العاملين فى المعجم فى عشرة مجامع لغوية عربية. وفى أغسطس من العام الجارى وجه الشيخ الدكتور سلطان القاسمى، حاكم الشارقة، بطباعة الأجزاء الأولى من النسخة التجريبية للمعجم التاريخى للغة العربية، وهنأ الشيخ سلطان القاسمى العرب والناطقين بلغة الضاد فى كل مكان بهذا الإنجاز العظيم الذى يؤرخ للغة العربية الضاربة فى أعماق التاريخ، فقد طال انتظاره واليوم بوعد جهود بذلها المخلصون من أبناء العربية من العلماء والباحثين والأكاديميين فى المجامع اللغوية العربية، نشهد باكورة العمل وميلاد المعجم العملاق الذى سيفتح أبوابا للباحثين وطلاب العلم الذين يبحثون وينقبون عن تاريخ الألفاظ والكلمات. قلت للدكتور مستغانمى ماذا يعنى صدور المعجم؟ إصدار المعجم التاريخى للغة العربية إضافة كبيرة لكل الوطن العربى والعالم الإسلامى والناطقين بلغة الضاد وهو الأول من نوعه فى تاريخ العرب وسجل تاريخ لغتها، فالمشروع تأريخ لكلمات اللغة العربية ولكل لفظ ومفردة وطريقة استخدامها فى أى لغة شواء فى الجاهلية والإسلام وفى العصر الأموى والعباسى، فالمعجم هو ذاكرة الأمة العربية وديوان ألفاظها وسجل أشعارها وأخبارها. وكم عمر اللغة العربية وفقا لما تم البحث عنه ومن أول من استعملها وفى أى بيئة وفى أى سياق أيضا؟ - اللغة العربية عمرها 17 قرنا وتنحدر من إسماعيل عليه السلام أى قبل 400 سنة قبل الإسلام، والمعجم يكشف عن تطور المصطلحات عبر العصور، ويرصد تاريخ دخول الكلمات الجديدة المستحدثة فى اللغة المستعملة، والكلمات التى اندثرت من قاموس الاستعمال مع ذكر الأسباب المؤثرة فى ذلك، حيث يبحث عن تطور الكلمة عبر الزمان وعلى ألسن العرب وغيرهم من المتكلمين باللسان العربى منذ ما قبل الإسلام إلى اليوم، وأنه تم إصدار المجلدات الثمانية من المعجم التاريخى للغة العربية، والتى تشمل حرفى "الهمزة والباء" فقط، والتى تؤرخ لتاريخ المفردات وتعرض تطور وتحول معانيها ودلالات استخدامها عبر العصور. وهذا المعجم التاريخى للغة العربية سيكون المرجع الأكبر الذى يعود إليه المثقفون والمتخصصون فى جميع المجالات، ويعود إليه طلاب الجامعات والأكاديميون، والشعراء والأدباء ويحافظ على الذاكرة العربية من أقصى الجزيرة العربية شرقًا إلى المحيط الأطلسى غربًا. ماذا اكتشفتم أثناء إنجاز معجم اللغة العربية عن باقى اللغات الأخرى؟ - الدراسات والأبحاث أثبتت أن اللغة العربية هى اللغة الأم التى انحدرت منها اللغات الأخرى مثل السامية والآرامية، ولذلك هى الأقدم والأكثر تواصلا بين ماضيها وحاضرها، فاللغات القديمة لم يعد أهلها يفقهونها ويفهمونها، فلغة شكسبير على سبيل المثال لم يعد يعرفها أو يقرا بها القارئ الإنجليزى الحالى بالتالى يمكن أن نقدر عمر اللغة الإنجليزية بحوالى سبعة قرون فقط، ففى لغتنا العربية نحن نفهم الشعراء القدامى، بالتالى فهى لم تتغير. وما يميزها أنها لغة اشتقاقية لباقى الكلمات، وهناك من يؤكدأن لغة آدم عليه السلام هى العربية لكن لا نستطيع التعامل مع هذه الفرضية إلا بعد تاريخ وبحث أكبر. بعض من يهاجم القرآن الكريم يزعم أنه استعان بمفردات لغات أخرى غير العربية؟ - القرآن لم يستعن بكلمات أخرى بل ثبت كلمات اصطفاها العرب من لغات أخرى مثل استبرق وسندس وغيرها وأصبحت لغة عربية فى القرآن فيما يمكن أن نسميه بهجرة الكلمات. فالكلمات تهاجر أيضا مثل البشر وكثير من المفردات العربية هاجرت إلى اللغات الإنجليزية واللاتينية والفرنسية والعكس حصل بالفعل، وهذا ما نسميه بالتلاقح الشرعى، وطالما استخدمها القرآن فقد أصبحت كلمات عربية. لكن هناك بعض الكلمات التى تم تعريبها من اللغات الأجنبية ويستخدمها العرب الآن فى لغة الضاد؟ - هناك تعريب مشروع وتعريب مشوه مثل كلمات التليفون والتليفزيون، أما المشروع مثل كلمة الاستراتيجية المتفق عليها. ما الصعوبات التى واجهها مشروع المعجم التاريخى للغة العربية؟ - بالفعل هناك عقبات حالت دون الإسراع فى إنجاز المشروع تمثلت فى ضخامة التراث الذى كتب باللغة العربية شعرا ونثرا وعلوما وفنونا وفلسفة وتاريخا فالمعجم يؤرخ لأكثر من سبعة عشر قرنا من الزمان وبعدد كلمات 12 مليون و305 ألاف و412 كلمة عربية، الصعوبة الثانية كانت التكلفة المادية، والثالث هى صعوبة التأليف بين قلوب العاملين فى المجامع اللغوية من مشرق البلاد ومغاربها متى يتاح المعجم للقارئ العادى وعلى وسائل الاتصال الحديثة مثل شبكة الإنترنت؟ - تم إصدار المجلدات الثمانية من المعجم التاريخى للغة العربية، والتى تشمل حرفى "الهمزة والباء" فقط، والتى تؤرخ لتاريخ المفردات وتعرض تطور وتحول معانيها ودلالات استخدامها عبر العصور. وسوف يكون المعجم التاريخى للغة العربية المرجع الأكبر الذى يعود إليه المثقفون والمتخصصون فى جميع المجالات، ويعود إليه طلاب الجامعات والأكاديميون، والشعراء والأدباء ويحافظ على الذاكرة العربية من أقصى الجزيرة العربية شرقًا إلى المحيط الأطلسى غربًا. وسوف يكون العام المقبل متاحا للجميع بعد تنقيحه وسوف يعرض على شبكة المعلومات العالمية.