يعد الزعيم سعد زغلول (1859 – 1927) واحدا من أشهر الشخصيات المصرية فى القرن العشرين، وكان يحظى بشعبية كبيرة بين المصريين، لذلك كان الناس يحبون معرفة حياته وكيف تسير ومن ذلك ما قدمته صحيفة العالم فى عام 1926.
تقول جريدة "العالم" فى عددها الصادر فى 30 مايو من عام 1926 تحت عنوان "كيف يعيش الرئيس الجليل سعد زغلول باشا فى بيته"
برنامج اليوم العادى
لا ينام دولة الرئيس الجليل سعد زغلول قبل الساعة الحادية عشرة مساء ولا ينام أكثر من خمس ساعات.
غير أنه ينام بعد الغداء ساعة ونصف ساعة وعندما يستيقظ فى الصباح يشرب القهوة ثم يفطر وبعدما يفرغ من الأكل يشرع فى ارتداء ملابسه.
ودولته يحلق ذقنه بنفسه، وفيما هو يحلقها يملى على سكرتيره مقالة، أو يصغى إلى ما يتلوه عليه من الرسائل، أو يحادث من يتفق وجوده معه فى الغرفة.
وفى نحو الساعة العاشرة قبل الظهر ينزل دولته إلى مكتبته، ويمكث فيه عشرة دقائق على الأكثر، ثم يطلب سيارته ويخرج للنزهة مصطحبا معه غالبا صاحب المعالى فتح الله باشا بركات أو صاحب السعادة على الشمسى بك، وقد يرافق دولته أحيانا بعض من يختصه من الزائرين وإلا فيخرج منفردا، وفى هذه الحالة يرافقه خادمه الحاج أحمد إلى جانب السائق ويتنزه دولته عادة فى الجزيرة أو الجيزة أو حدائق القبة وإذا أحس عند وصوله إليها براحة فى جسمه نزل من سيارته ومشى قليلا ثم عاد إلى مركبته، واستأنف نزهته.
ومتى آب دولته إلى بيت الأمة، جلس فى مكتبه، واستقبل زائريه جماعات جماعات، فيحادثهم عن الحالة السياسية فى دوائرهم وأقاليمهم ويسمع شكواهم ويرشدهم إلى المسلك الذى يحسن بهم أن يسلكوه، والمنهج الذى ينبغى عليهم أن ينهجوه.
وقد لوحظ أن السواد الأعظم من زائرى الرئيس الجليل يلثم يده مع أن دولته يحاول دائما أن يستردها قبل أن يتمكن مصافحه من لثمها ويصافح دولته الداخلين عليه وهو جالس مراعاة لصحته وعملا بإشارة أطبائه ولم ير منتصبا إلا لأفراد معدودين ولكبار زائريه من الأوربيين وهو لو شاء أن ينهض لكل زائر من زائريه، لأنهك الأمر قواه، إذ أنه لا يقابل فى اليوم العادى أقل من أربعين زائرا أو خمسين، وعذا علاوة على الوفود التى لا يقل عدد أعضاء الواحد منها عن أربعين شخصا أو خمسين أيضا.
ويظل دولة الرئيس فى مكتبه حتى منتصف الساعة الثانية بعد الظهر، وأحيانا لا يغادره قبل الساعة الثانية، ثم يدخل قاعة الطعام مع من يدعوه إلى الأكل معه من أخصائه.
ولا ينزل دولته إلى مكتبه بعد الظهر فى الأحوال العادية، بل يمضى وقته بقراءة جرائد المساء، واستقبال زائريه الخصوصيين الذين يزورنه فى مكتبه الداخلى فى الطابق الأول أو فى الطابق العلوى، وفى هذا الوقت أى بعد الظهر تجرى المباحثات السياسية الخصوصية بينه وبين أعضاء الوفد أو بين الهيئات السياسية لأخرى التى يعمل الوفد معها.
ويقضى دولته جميع أوقات الفراغ بالمطالعة وهو يؤثر أن يقرأ لنفسه على أن يقرأ غيره له.
وصيفة سعد باشا
ولدولة الرئيس الجليل وصيفة ألمانية اسمها "مدموازيل فريدا" وهى على جانب عظيم من التثقيف العلمى والخلقى، وليس أدل على جنسيتها واخلاصها من شدة دقتها فى عملها وتفانيها فى أداء الأعباء الملقاة على عاتقها، ومن ألطف ما يسع الكاتب أن يرويه عنها فى هذا الصدد أن عندها كشفا بأسماء الأدوية التى يتعاطاها دولة الرئيس والمواعيد التى يجب عليه أن يتناولها فيها، وهى ترجع إلى هذا الكشف فى كل ساعة من ساعات النهار .