ذلك العنوان هو عنوان لمقطوعة أدبية للكاتبة والزميلة الصحفية هبة محمد على، عن حياة الرائعة لبنى عبد العزيز في شكل يجعلك لا تترك الكتاب حتى تنتهى منه وهذا ما فعلته اليوم، تحكى الفنانة القديرة لبنى عبد العزيز عن قصتها في أكثر من 80 عامًا كانت فيها جزءًا من وعى المصريين وذاكرتهم رغم أنها اقتطعت من تلك السنوات عقودًا عاشتها في أمريكا مع زوجها، لكن يشفع لها أنها ذهبت للولايات المتحدة وعادت لبنى عبد العزيز كما هي نفسها التي عرفها المصريون فأحبوها وخلدوا اسمها في سير الفنانات العظيمات، فهى لبنى عبد العزيز التي ترفض أن تنصاع لأى أمر دون أن تقتنع بيه، وتضع رؤيتها وفلسفتها في أي عمل يوكل إليها، حتى لو كانت أمام محمد نجيب رئيس مصر الأسبق، أو أم كلثوم سيدة الغناء العربى.
في السيرة المكتوبة بعناية وسلاسة فائقة للفنانة لبنى عبد العزيز في كتاب "قصة امرأة حرة"، ظهرت لبنى عبد العزيز بشخصية تجعلك تحبها أكثر وأكثر فهي فتاة تبحث عن الرقى والأناقة والثقافة في تفاصيل حياتها، ساعدها في ذلك والد يعرف ويعي قيمة أبنائه فترك لهم حرية الاختيار بل ودعمهم، حتى أنك في لحظة حزن بأن صداقات لبنى عبد العزيز في الوسط الفني ليست كثيرة، لكنك تفخر أنها اتجهت لطبقة أخرى وهى الصحفيين والمثقفين من أصدقاء والدها وأصدقائها حيث ذهبت طواعية لتلك المساحة، التي رأت فيها أن قيمة عقلها ستزداد وحس المناقشة والجدال لديها ستغذيها، لأن الصحفيين والمفكرين معروفين بسمات المناقشة والبحث والقراءة والكتابة، لذلك كان اختيار لبنى عبد العزيز هو اختيار يتناسب مع شخصيتها، فهى في قصتها تذكر كبار الكتاب والأدباء بشكل متواصل وتحكى قصتها مع العقاد وأيضًا في الأهرام وموسى صبري ومصطفى أمين، وكلها قامات صحفية تم ذكرها في سيرة فنانة وليس في سيرة أحد السياسيين أو الصحفيين، ما يدل على أنها اختارت أن تكون مثقفة وكاتبة قبل أن تكون فنانة، حتى أنها تركت الفن من أجل عائلتها لكنها لم تترك الكتابة والقراءة طوال حياتها.
في تلك المقطوعة التي كتبتها الزميلة هبة محمد على، كانت تؤرخ لشكل آخر عن السينما المصرية والمخرجين في حقبة مهمة من تاريخ مصر ما بين الخمسينيات وحتى أواخر الستينيات وكيف تميز صلاح أبو سيف وشادي عبد السلام وحسن الإمام وغيرهم، كما أن لبنى عبد العزيز حكت بتلقائية شديدة عما كان يحدث بين المنتجين والمخرجين في الكواليس وكذلك غيرة الفنانات و غيرها من التفاصيل التي توثق مراحل مهمة ولا يمكن القول عنها أن نميمة فنية بقدر أنها ذكر لما هو معروف وقتها ويعلمه أبناء تلك المرحلة، لكن برؤيتها ساعية ومتجردة من الأهواء فهى تذكر الوقائع دون تجميل.
لم تبخل لبنى عبد العزيز في الحديث عن كل شي من تفاصيل تحببك فيها دون أن تدرى، فهى لم تتعمد صناعة صورة ملائكية عنها، لكنها بدون قصد وضعت تصور مميز عن الفنانات المثقفات وكيف أنها تعطى النصيحة دون مقابل، بل وتعرف آثر تلك النصيحة بعد سنوات في جلسة من الجلسات، فتصمت ولا تقول أنها كانت سبب في نجاح فنانة أو فنان، كما أنها أيضا تحفظ المعروف وترد الجميل، حتى أنها يمكنها الموافقة على عمل فنى وذلك لأن أحد المشتركين فيه له سابقة معروف معها.
في القصة أو المذكرات أو السيرة الخاصة بالفنانة القديرة لبنى عبد العزيز، يجعلك تحب عبد الناصر وتحب أيضا الإذاعة، كما أنك ترغب ان ينال أبنائنا تعليما مثل التي تلقته، ونذرع في أبنائنا حب الثقافة والتعليم الجيد والبحث عن أدوات التطوير حتى آخر نفس، حتى أننى قلت ليت نورين ابنتى تكون لديها شخصية وعقل لبنى عبد العزيز، حينها يمكننى أن أطمئن عليها.
لبنى عبد العزيز في قصة امرأة حرة هي لبنى عبد العزيز في أمينة ووا إسلاماه وآه من حواء وعروس النيل وكل أفلامها، هي لبنى التي سافرت للخارج وعادت وتعيش بيننا دون رتوش أو إضافات بل هي كما هي وكمان تحب أن يراها الجميع.