كانت غزوة بدر، أولى غزوات النبى محمد، صلى الله عليه وسلم الكبرى، بعد هجرته من مكة إلى المدينة، وفيها انتصر المسلمون، وكتبوا بداية تكوين لواء يحمى الدعوة من المشاركين، وتكون نواة لبداية الدولة الإسلامية بقيادة المصطفى الكريم، والتى تمر اليوم ذكرى وقوعها الـ 1397، إذ وقعت فى 13 مارس من عام 624م.
لكن هل كانت غزوة بدر الكبرى، هى أول معارك النبى أمام قريش حقا، أم سبقتها معارك أخرى قاد فيها النبى محمد صلى الله عليه وسلم المسلمين للنصر على مشركى قريش؟ بالنظر إلى كتاب البداية والنهاية للحافظ بن كثير نرى أن هناك غزوتين ليستا بقوة غزوة بدر لكنهما سبقتا "بدر" فى وقوعهما، وهما:
غزوة الأبواء
هى أول غزوة خاضها محمد رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم، وكانت فى شهر صفر سنة 2 هـ، وقد نتج عنها أنه عقد عقدا وحلفا مع بنى ضمرة من كنانة، ولهذا لم يحصل بهذه الغزوة قتال، ويقول كتاب "البداية والنهاية" لـ الحافظ ابن كثير تحت عنوان "أول المغازى وهى غزوة الأبواء أو غزوة ودان" وهو بعث حمزة بن عبد المطلب أبو عبيدة بن الحارث كما سيأتى فى المغازى.
وقال البخارى: (كتاب المغازى)، قال ابن إسحاق: أول ما غزا رسول الله ﷺ الأبواء، ثم بواط، ثم العشيرة، ثم روى عن زيد بن أرقم أنه سئل: كم غزا رسول الله ﷺ؟، قال: تسع عشرة شهد منها سبع عشرة أولهن العسيرة - أو العشيرة، وفى (صحيح البخارى) عن بريدة قال: غزا رسول الله ﷺ ست عشرة غزوة، ولمسلم عنه: أنه غزا مع رسول الله ﷺ ست عشرة غزوة، وفى رواية له عنه: أن رسول الله ﷺ غزا تسع عشرة غزوة وقاتل فى ثمانى منهن، وقال الحسين بن واقد: عن ابن بريدة، عن أبيه: أن رسول الله ﷺ غزا سبع عشرة غزوة وقاتل فى ثمان: يوم بدر، وأحد، والأحزاب، والمريسيع، وقديد، وخيبر، ومكة، وحنين، وبعث أربعا وعشرين سرية.
وقال يعقوب بن سفيان: حدثنا محمد بن عثمان الدمشقى التنوخى، ثنا الهيثم بن حميد، أخبرنى النعمان، عن مكحول: أن رسول الله ﷺ غزا ثمانية عشر غزوة، قاتل فى ثمان غزوات، أولهن بدر، ثم أحد، ثم الأحزاب، ثم قريظة، ثم بئر معونة، ثم غزوة بنى المصطلق من خزاعة، ثم غزوة خيبر، ثم غزوة مكة، ثم حنين والطائف.
غزوة بواط
غزوة بواط هى ثانى الغزوات التى خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شهر ربيع الأول سنة 2 هـ، وقد كانت غزوة بواط ضمن سلسة الغزوات التى هدف المسلمون منها استرداد حقوقهم من قوافل قريش المتجهة لبلاد الشام، وتعد غزوة بواط ثانى غزوات النبى – صلى الله عليه وسلم - وقد وقعت فى ربيع الأول من العام الثانى لهجرة النبى، ووقعت فى منطقة بواط التى تقع على طريق القوافل بين مكة والشام، وقد علم النبى – صلى الله عليه وسلم- بوجود عير لقريش فيها مائة فارس يحرسون ألفين وخمسمائة بعير.
وكان على رأس القافلة أمية بن خلف الجمحى، خرج النبى – صلى الله عليه وسلم- فى مائتين من أصحابه قاصدا منطقة بواط المكان المتوقع مرور قافلة قريش منه، وقد استخلف على المدينة سعد بن معاذ وقيل السائب بن عثمان بن مظعون - رضى الله عنهما- وكان لواء المسلمين أبيض حمله سعد بن أبى وقاص – رضى الله عنه - ولما بلغ النبى – صلى الله عليه وسلم- بواطًا من ناحية رضوى علمت عيون قريش بوجود المسلمين فأسرعوا السير حتى لا يدركهم المسلمون، وقد سلكت القافلة طريقًا مختلفًا غير الطريق المُعبد المعروف فاستطاعت تجاوز المسلمين ولم يُكتب لهم الحصول على غنائمها.
وقد عاد المسلمون إلى المدينة بعد أن تجاوزتهم قافلة قريش، ومع أن المسلمين لم يغنموا تلك القافلة إلا أنهم أثبتوا لقريش أن تجارتهم المتجهة نحو الشام ستبقى محل تهديد ما دام المسلمون فى المدينة.