نلقى، اليوم، الضوء على كتاب "شاهدة ربع قرن" للكاتبة عايدة الشريف، والذى تحدثت فيه عن الكثير من المثقفين والفنانين الذين تعرفت عليهم.
وتقول عايدة الشريف فى مقدمة الكتاب تحت عنوان "لماذا شاهدة ربع قرن؟
وأنا أجيب على هذا السؤال أجدنى مدفوعة للبوح لكم بحقيقة قد تثير عجبكم، فحواها ومغزاها: أننى لم أُعدُّ نفسى للكتابة يومًا، ذلك أن حلمى الأوحد فى الحياة كان مجرد أن أكون رسامة، غير أنى بالموازاة وجدت نفسى، منذ وعيت مشدودة من الأعماق لمعايشة مجالات الفن والفكر والأدب لأسباب لا نهائية لا أستطيع اكتناه أبعادها السحيقة المتداخلة فى نفسي، قد يكون التذوق الفطرى لدى، كما قد يكون بغية الغيبة والفرار من واقعى، أما خاطر الكتابة عنها ولها فكان أبعد شىء يخطر حتى على أحلامى، أبوح بهذه الحقيقة وفى تلافيف حياتى علامات وعلامات قد تشرق لكم وتبرق إذا قرأتم ما كتبت فى هذا الكتاب، منها أنه لم يسبقنى أحد فى العائلة للكتابة فى هذه المجالات، ولكن حدث وأنا أتابع هذه المجالات أن لاحظت وكأن أصحابها يتساءلون دواعى ومبررات متابعاتى ومناقشاتى إياهم وبأى حق تكون، وكأن هذه المجالات السامقة قد ضاقت كما النوادى التى يكتب على أبوابها (للأعضاء فقط)، ولم يكن ما لاحظت محض ظن منى، ذلك أنى وجدت منهم من يسألنى الكتابة عن كذا أو عن كيت وكأنه يمتحنني، وعندما كتبت، وجدتنى أسائل نفسى هل كتبت لأقسم وأشهد لهم ولنفسى أن هذه المتابعة كان لها مردود فى نفسى، أو هكذا يجب أن يكون لكل لمسة رنين؟
والحق أن بعض المساءلة كانت من باب الود والعشم، فالمخرج الشهير صلاح أبو سيف وكنت أعمل معه إبان كان رئيسا لمؤسسة السينما بادرنى يومًا بقوله: غير معقول ألا يكون لك إنتاج ما إلى الآن، وكنا فى عام 1993، ثم أردف أن كثيرين من الناس عندما يرونك فى العروض الخاصة وقد تحلق بك الزملاء يسألوننى: من تكون؟ هل أجيبهم بأنك مجرد عضو لجنة قراءة بالمؤسسة أو كاتبة برامج تليفزيونية؟، أشعر وأنا أجيب بأن هذا لا يعبر عنك، فاعملى شيئا ولو سيئا نعرفك به ونلتمس لك العذر حتى عن رداءته.
دفعت إلى هذا البوح لا للحقيقة فقط، بل لهدفين نفعيين على أولهما أن أحدد مكانى بين من يكتبون على الساحة، وأننى منهم على جنب، والآخر لأفسر به ما قد يصادفك من تعبير أننى لا أكتب إلا بدافع أو بتكليف أحيانا يكون على وجه التخصيص أى عن شىء أو شخص، وأخرى على وجه التعميم أن يطلب منى أن أكتب لجريدة أو مجلة ما يعن لى والسلام.