تمر اليوم الذكرى الـ423 على تسجيل مسرحية تاجر البندقية للأديب ويليام شكسبير فى السجل الملكى بأمر من الملكة إليزابيث، وذلك فى 22 يوليو من عام 1598م، حيث وقعت الملكة فى حب ما كتبه شكسبير واعتمدت هذا القرار تقديراً لإعجابها بالمسرحية.
ويعطى هذا التسجيل الحق بالنشر للأعمال المطبوعة، متيحاً للملكة الرقابة على المواد المنشورة، وبالرغم من التصريح بطباعة (تاجر البندقية)، فإن طبعتها الأولى لم تنشر إلا بعد عامين من ذلك التاريخ، وكان نشر مسرحيات شكسبير مسألة فوضوية، فنادراً ما كانت تنشر المسرحيات وقتها فى شكل مطبوع، وكان كتاب المسرح يبيعون مسرحياتهم إلى شركات المسرح، التى حاولت إثناء المنافسين عن تمثيل نفس المسرحيات وسرقة العروض المسرحية منهم.
وكان الكاتب ينتج نسخة واحدة كاملة فقط من المسرحية، ويحصل الممثلون على أدوارهم فقط، وليس على المسرحية بأكملها، لكن أحياناً كان الممثلون الساخطون يجهزون نسخاً كاملة من المسرحيات من خلال الملحوظات المكتوبة، وبين المسرحيات الأخرى كانت هناك نسخ مسروقة، أو نسخ سيئة، من مسرحية هنري السادس، وهاملت، لكن يعتقد الباحثون أن الطبعة الأولى من (تاجر البندقية) عام 1600جاءت من نص كامل للمسرحية، وأثناء حياته لم تطبع نسخ مصرح بها من مسرحيات شكسبير ولكن نشرت عام 1609، بعد سبعة أعوام من وفاته.
تعرضت المسرحية للمعاداة من قبل التوجه الرسمى لليهود، وبسبب شخصية المسرحية التى تدور حول تاجر شاب من إيطاليا يدعى أنطونيو، ينتظر مراكبه لتأتى إليه بمال، لكنه يحتاج للمال من أجل صديقه بسانيو الذي يحبه كثيرًا لأن بسانيو أراد التزوج من امرأة، وفى المسرحية خيوط أخرى تتحدث عن عداء المسيحيين لليهود، وعن الحب والثروة، والعزلة، والرغبة في الانتقام.
بحسب كتاب "المصعد فى نقد المسرح" للدكتور هايل علي المذابي، فإن شكسبير استقى "تاجر البندقية" من واقعة استندا إلى المراجع التاريخية فقد تمت كتابة المسرحية ما بين عامين 1596 و1598، أى فى عهد الملكة إليزابيت، آخر ملوك إنجلترا من آل تيودور، وفى هذا العصر كان إجلاء اليهود من أوروبا فى اوجه، لما أحدثوه من مشاكل شعبوية داخل أوروبا، وأثر ذلك الاضطهاد، وتم أمر جميع اليهود بالبقاء فى ملاجئ محددة ضمن الدولة البريطانية.
وفى هذا التوقيت حدثت الحادثة التى قلبت الرأى العام فى إنجلترا وأوروبا، وكانت هذه الحادثة هى محاكمة "رودريجو لوبيز، وهو طبيب الملكة اليزابيث، وهو يهودى الأصل، أعلن نصرانيته، تم اتهامه بالخيانة العظمى، وتدبير مكيدة تفضى إلى دس السم فى طعام الملكة اليزابيث، وكانت النتيجة إعدامه.
حدثت هذه الواقعة عام 1594، ما جعلها قضية رأى عام، وألهمت قصة "لوبيز" العديد من الكتاب أمثال كريستوفر مارلو، والذى ألف كتابه "يهودى مالطا" ومثله ويليام شكسبير فى مسرحيته تاجر البندقية، أو يهودى البندقية، وهو ما يبدو استعارة للأحداث مثله الكاتب البريطانى من الأحداث، حيث تصرف كرسام يأخذ النماذج من الواقع فيضيف لها شيئا ويحذف آخر، يمحى هويته، ويضيف له من فنه، على حسب وصف الكاتب.