يقف متحف بيروت الوطني شامخًا في قلب العاصمة وقد تعرض للتدمير مرّات عديدة، خاصة خلال أعوام الحرب الأهلية، وأيضًا بسبب تفجيري مرفأ بيروت، وقد تمّ تجديده في كل مرّة، وقد نجت مجموعاته التي لا تقدّر بثمن بأعجوبة، وإن كان زوّار المتحف يستعدّون الآن لإعادة اكتشاف المجموعات الأثرية مع إعادة فتحه قريبًا، فإنّ القليل منهم يعرفون أن هناك عالمًا آخر بالكامل موجودًا في أقبية المتحف حيث يعمل فريق من اليونسكو منذ أكثر من ثلاثة أشهر لتنفيذ مهمة إنقاذ طال انتظارها.
وفي الطوابق السفلية التي تُستخدم كمستودع، تتراكم المقتنيات والقطع القيمة التي يعود تاريخ بعضها إلى العصر البرونزي وصولاً الى العصر العثماني، وقد تمّ فحص اللوحات الجنائزية والتماثيل الصغيرة والتوابيت والعواصم والعتبات، في عملية جرد وتصنيف وتخزين دقيقة بتمويل من اليونسكو، والتي وفّرت أيضًا أرففًا متخصصة للحفاظ على هذه التحف الفنيّة، كجزء من مبادرة "لبيروت"، وفقا لما ورد بموقع اليونسكو.
وتشرح ماري أنطوانيت الجميّل، عالمة الآثار والمتاحف في قسم السلع الثقافية في المديرية العامة للآثار، بقولها إن "مجموعات المتاحف لا تكشف للجمهور بشكل كامل وتضيف:"في كثير من الأحيان، يتمّ عرض ما بين 10 إلى 15٪ من التحف، التي تمثل مجموعات أكبر، ويتمّ الاحتفاظ بالباقي، وهذا هو الحال مع متحف بيروت الوطني".
وتم اكتشاف هذه القطع قبل الحرب الأهلية بوقت طويل في مناطق مختلفة من لبنان، بما في ذلك مواقع التراث العالمي مثل بعلبك وعنجر وصور وقنوبين، وقد تم حفظها أثناء الحرب، لكنها ظلت مخزنة بشكل عشوائي بسبب نقص الموارد.
وتقول الجميل: "هذا المشروع الذي نقوده بالإضافة إلى هذه الرفوف الثلاثين الجديدة تجعل من الممكن زيادة سعة هذه المساحة وحماية هذه القطع الثمينة التي تشكل ثروة لبنان، والتي لا يجب أن تُترك على الأرض أما بالنسبة لأعمال الجرد والتصنيف، حسب الموقع والعمر وما إلى ذلك، فستسمح بإجراء دراسات جديدة وتمهيد الطريق لمعارض جديدة مؤقتة أو عبر الإنترنت، لتعريف عدد أكبر من الناس على هذه القطع".
وقد أشادت مديرة مكتب اليونسكو في بيروت كوستانزا فارينا بالعمل المنجز بالشراكة مع المديرية العامة للآثار، فيما كان عمّال من بعلبك يضعون قطعاً نادرة على الرفوف الجديدة، وقالت: "هذا المشروع هو جزء من مهمة اليونسكو المستمرة لدعم المتاحف. ليس فقط كمباني وطنية ولكن أيضًا كمؤسسات مروّجة للحياة الثقافية، والتي هي في صميم مبادرة لبيروت".