تمر اليوم الذكرى الـ17 على رحيل المفكر والفيلسوف الفرنسى جاك دريدا، إذ رحل فى 8 أكتوبر عام 2004، وهو فيلسوف وناقد أدب فرنسى، يعد أول من استخدم مفهوم التفكيك بمعناه الجديد فى الفلسفة، وأول من وظفه فلسفياً بهذا الشكل وهو ما جعله من أهم الفلاسفة فى القرن العشرين يتمثل هدف دريدا الأساس فى نقد منهج الفلسفة الأوربية التقليدية، من خلال آليات التفكيك الذى قام بتطبيقها إجرائيا من أجل ذلك.
عالج دريدا مجموعة واسعة من القضايا والمشاكل المعرفية السائدة فى التقاليد الفلسفية (المعرفة، الجوهر، الوجود، الزمن) فضلا على معالجاته المستمرة حتى وفاته لمشاكل: اللغة، والأدب، وعلم الجمال، والتحليل النفسي.
وبحسب تقرير مترجم عن philosophy now، ترجمه المترجم اللبنانى كريم طرابلسى، رصد أبرز أفكاره ومنها:
الحضور
فى كتابه "عن الغراماتولوجيا"، يجترح دريدا عبارة مهمة وهى "ميتافيزيقيا الحضور". لكن ماذا تعنى هذه العبارة؟
تؤدى مركزية اللوغوس على الفور إلى تفضيل اليقين الحالى الموجود. هذا شيء يقوم به الفلاسفة الغربيون بشكل تلقائي، وخاصة الميتافيزيقيين. فى الواقع، نسعى جميعا إلى الوصول إلى اليقين، نريد أن نعرف ماهية الله، وماهية الخير، وطبيعة كينونتنا، ولماذا نحن هنا، علاوة على ذلك، نحن نعتمد على اللغة للوصول إلى هذه الإجابات، يصر التقليد الفلسفى الغربى ككل على مطاردة الحقيقة الموضوعية، مطالبا باليقين فورا وفى الحاضر، ولتحقيق ذلك فإنه يعتمد بشكل كامل على العلاقة بين الدالة والمدلولة، وبين الكلمات ومعناها فى النص، فى حين أن الكلمات ليس لها معنى ذهبى ثابت ولكن يتم تعريفها من خلال كلمات أخرى.
التفكيكية
تحتوى النصوص على معانٍ أكثر من ما قد يستنبطه أى تفسير بديهى فورى للكلمات والمفاهيم، بالإضافة إلى التفسيرات البديلة الشعبية لدى جمهور النقاد والمعلقين، هناك معانٍ خفية فى النصوص التى قد لا يقصدها المؤلف بالضرورة، التفكيك هو محاولة لاستخراج هذه المعانى الخفية، كما يقول دريدا فى كتابه "عن الغراماتولوجيا"، يهدف التفكيك إلى "إيجاد الصدع الذى يمكن من خلاله رؤية بصيص غير مسمى أبعد من الفتحة التى يمكن رؤيتها".
لا توجد خلاصات
هناك، بالطبع، الكثير من الأفكار فى كتاب دريدا مما لم أشر إليه هنا، بالإضافة إلى الجدال ضد إعطاء الأولوية للكلمات، حاول دريدا استكشاف ما إذا كانت الغراماتولوجيا، أى دراسة أنظمة الكتابة، ممكنة أم لا، لكنه لم يصل إلى نتيجة محددة، ويبدو أن الصعوبة التى واجهها تمثلت فى أن العلم يسعى إلى الحلول الآنية وينجح فى الكثير من الأوقات، على عكس الميتافيزيقا.
ويقول إن من المشكوك فيه أن مثل هذه الحلول متاحة أصلا للنصوص، كما أن لديه الكثير ليقوله عن الفلاسفة الآخرين "لا سيما نيتشه وهوسرل وهيدجر" واللغويين "خاصة سوسور وبيريس وجاكبسون"، وهو ينتقد الحركتين الفلسفيتين المهيمنتين فى عصره، فلسفة الظواهر والفلسفة البنيوية، باعتبارهما ينغمسان فى ميتافيزيقيا الحاضر، أما الجزء الثانى من الكتاب فيقوم بوضع التفكيكية موضع التنفيذ، خاصة بالنسبة لكتابات جان جاك روسو وكلود ليفى شتراوس.