قبل صدور رواية "كاتاتونيا.. أعراض انسحاب" للكاتب سامح مبروك، فى الثالث من نوفمبر بمعرض الشارقة الدولى للكتاب، وبعد تأجيل طرحها لسنة تقريبًا رغم اكتمالها، يشاء القدر أن يتزامن طرحها مع ذلك الحدث الكبير الذى هز العالم لمدة سبع ساعات، حينما حدث انقطاع تام لعدد من منصات التواصل الاجتماعي التي يعول عليها العالم بأسره حاليا فى التواصل فضلا عن التسلية ومتابعة الأخبار، ذلك الانقطاع الذى جعل القنوات الإخبارية تضج بالمتابعات والأخبار عن تطوراته والبحث فى أسبابه دون الوصول لمحض نتيجة ولا استنتاج، اللهم إلا أن الكشف عن مدى هشاشة الأنظمة الحاكمة لتلك المنصات.
وربما أزاح هذا الانقطاع المفاجئ عن التساؤل المؤرق الذى يتحاشى المجتمع ككل عن طرحه، ماذا يحدث لو فقدنا بالكلية تلك المنصات؟ ماذا لو انقطع عن البشر التواصل بالوضع الحالى؟ ماذا يحدث لو غابت شمس التكنولوجيا عن العالم بالكلية؟ هل سيغرق العالم كله فى ظلام دامس لا فجر له؟
إن كنت بالفعل تبحث عن إجابات لتلك الأسئلة الوجودية، فيتوجب عليك قراءة رواية كاتاتونيا - أعراض انسحاب، لعلك تجد الجواب، فقد عمد الكاتب سامح مبروك من خلال روايته الجديدة التي تصدر عن دار الحلم للنشر والتوزيع، أن يرسم بدقة حالة المجتمع الحالي ومدي الترهل الذي وصل إليه بعدما أحكمت الشبكة العنكبوتية بمنصاتها المختلفة خيوطها حول حياة البشر وأصبحت هى المحرك الرئيسي لسكناتهم قبل حركاتهم، ثم يطرح الكاتب تلك القضية الوجودية بمشهد درامي سودوي بحت، حيث يصف تلك اللحظة التي يسقط فيها العالم فى جب الظلام الدامس بعد انقطاع كافة أشكال التكنولوجيا إثر تعرضه لهجمة سيبرانية مدمرة.
ثم يصف الكاتب بدقة وبأدوات متمكنة تلك الحالة التى اجتاحت العالم بعد فقدان المحرك الأساسى لحياة البشر وما عاناه البشر من حالة اكتئاب وصلت لدرجة مرض "كاتاتونيا" كما اختار الكاتب على صدر روايته، وبوصفه الدقيق لأعراض انسحاب المجتمع من تلك المنصات والتكنولوجيا يشعر القارئ بالفعل كأنه انفصل عن الواقع الحالي بكهربائه ومنصاته وغاص في جب الظلام الدامس مع أبطال الرواية، ويزين الكاتب روايته بنهاية غير متوقعة تصدم القارئ وتجعله يفكر كثيرا ويتسأل، أيعقل أن يحدث هذا بالفعل؟
بالفعل رسم الكاتب سامح مبروك في روايته كاتاتونيا - أعراض انسحاب الصورة القاتمة للمجتمع قبل وبعد انسحاب التكنولوجيا منه بدقة وبراعة متناهية وبطريقة تشد القارئ من البداية إلى النهاية.