كان موسى بن نصير من أشهر القادة فى عصر الدولة الأموية، وقد رحل فى سنة 97 هجرية، فكيف كان دوره وحياته، وما الذى يقوله التراث الإسلامى؟
يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ ابن كثير تحت عنوان "موسى بن نصير أبو عبد الرحمن اللخمى" افتتح بلاد المغرب، وغنم منها أموالا لا تعد ولا توصف، وله بها مقامات مشهورة هائلة، ويقال إنه كان أعرج، ويقال إنه ولد فى سنة تسع عشرة، وأصله من عين التمر، وقيل أنه من أراشة من بلِّي، سبى أبوه من جبل الخليل من الشام فى أيام الصديق، وكان اسم أبيه نصرا فصغر، روى عن تميم الداري، وروى عنه ابنه عبد العزيز، ويزيد بن مسروق اليحصبي، وولى غزو البحر لمعاوية، فغزا قبرص، وبنى هنالك حصونا كالماغوصة وحصن بانس وغير ذلك من الحصون التى بناها بقبرص، وكان نائب معاوية عليها بعد أن فتحها معاوية فى سنة سبع وعشرين، وشهد مرج راهط مع الضحاك بن قيس، فلما قتل الضحاك لجأ موسى بن نصير لعبد العزيز بن مروان، ثم لما دخل مروان بلاد مصر كان معه فتركه عند ابنه عبد العزيز، ثم لما أخذ عبد الملك بلاد العراق جعله وزيرا عند أخيه بشر بن مروان.
وكان موسى بن نصير هذا ذا رأى وتدبير وحزم و خبرة بالحرب، قال البغوي: ولى موسى ابن نصير إمرة بلاد إفريقية سنة تسع وسبعين فافتتح بلادا كثيرة جدا مدنا وأقاليم، وقد ذكرنا أنه افتتح بلاد الأندلس، وهى بلاد ذات مدن وقرى وريف، فسبى منها ومن غيرها خلقا كثيرا، وغنم أموالا كثيرةً جزيلةً، ومن الذهب والجواهر النفيسة شيئا لا يحصى ولا يعد، وأما الآلات والمتاع والدواب فشيء لا يدرى ما هو وسبى من الغلمان الحسان والنساء الحسان شيئا كثيرا، حتى قيل أنه لم يسلب أحد مثله من الأعداء، وأسلم أهل المغرب على يديه وبث فيهم الدين والقرآن، وكان إذا سار إلى مكان تحمل الأموال معه على العجل لكثرتها وعجز الدواب عنها.
وقد كان موسى بن نصير هذا يفتح فى بلاد المغرب، وقتيبة يفتح فى بلاد المشرق، فجزاهما الله خيرا فكلاهما فتح من الأقاليم والبلدان شيئا كثيرا، ولكن موسى بن نصير حظى بأشياء لم يحظ بها قتيبة، حتى قيل أنه لما فتح الأندلس جاءه رجل فقال له: ابعث معى رجالا حتى أدلك على كنز عظيم، فبعث معه رجالا فأتى بهم إلى مكان فقال: احفروا، فحفروا فأفضى بهم الحفر إلى قاعة عظيمة ذات لواوين حسنة، فوجدوا هناك من اليواقيت والجواهر والزبرجد ما أبهتهم، وأما الذهب فشيء لا يعبر عنه، ووجدوا فى ذلك الموضع الطنافس، الطنفسة منها منسوجة بقضبان الذهب، منظومة باللؤلؤ الغالى المفتخر، والطنفسة منظومة بالجوهر المثمن، واليواقيت التى ليس لها نظير فى شكلها وحسنها وصفاتاه، ولقد سمع يومئذ مناد ينادى لا يرون شخصه أيها الناس إنه قد فتح عليكم باب من أبوب جهنم فخذوا حذركم. وقيل إنهم وجدوا فى هذا الكنز مائدة سليمان بن داود التى كان يأكل عليها. وقد جمع أخباره وما جرى له فى حروبه وغزواته رجل من ذريته يقال له أبو معاوية معارك بن مروان بن عبد الملك بن مروان بن موسى بن نصير النصيري.