يعد الكاتب المغربى أحمد المدينى واحدا من أشهر الكتاب فى المغرب العربى، وقد احتفت، مؤخرا، المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، بخمسين سنة على بدء الإبداع الأدبى للمدينى الذى أصدر "العنف فى الدماغ" (1971) واستمرت الرحلة حتى "رجال الدار البيضاء" (2021).
ونقلت المواقع والصحف المغربية الاحتفاء بالمدينى، الذى وجد فى صدور الطبعة الجديدة من المجموعة القصصية "العنف فى الدماغ"، فرصة للوقوف على أبرز المحطات الأدبية التى عاشها الكاتب، واستحضار التجربة الأدبية للمديني، الذى يكتب فى الرواية والقصة القصيرة والشعر والنقد والرحلة والمقالة، وراكم على امتداد عقود من الزمن خزانة كاملة من المؤلفات.
وحسبنا كتب موقع "هسبريس" المغربى، أعرب المدينى عن سعادته بهذا الاحتفاء، الذى اعتبره احتفاء بالأدب المغربى برمته، مشيرا إلى أن خمسين عاما من الأدب، التى بدأت بنشر أول مجموعة قصصية "العنف فى الدماغ" سنة 1971 ووقفت فى إصدار "رجال الدار البيضاء" سنة 2021، تميزت بكونها تشمل حوالى 70 عملا أدبيا تضم قصصا وروايات ودراسات نقدية وأبحاثا جامعية وكتب الرحلة.
وأبرز المديني، الذى فاز بجوائز عدة فى السرديات وأدب الرحلة، أن أعماله الأدبية متعددة الاختصاصات والمعالجات، مشيرا إلى أنها تنكب فى مجملها على قضايا المجتمع والإنسان فى بحثه عن ذاته وتطلعاته وأحزانه وأفراحه، وكل ما يتطلع إليه من أجل الرقى والكرامة.
كما سجل أن إعادة نشر "العنف فى الدماغ" بعد نصف قرن "أمر له دلالاته وقراءاته"، مبرزا أنها رسالة واضحة للاعتناء "بالرموز والقيم الأدبية الوطنية والوفاء للأدب والتعبير وموقف الأدب والأديب بالمغرب".
وفى هذا الصدد، قال الكاتب والروائى محمد الأشعرى إن المدينى راكم تجربة إبداعية استثنائية تتسم بكونها أكثر انتظاما فى إبداع لا يشمل الرواية فقط، بل يضم أيضا القصة القصيرة والمقالة الصحفية والشعر وما إلى ذلك من الإنتاجات الأدبية التى طبعت الأدب المغربي.
وأبرز أن المدينى تميز بكونه "تفرد بتفان وإخلاص صوفى للكتابة الأدبية منذ سنوات السبعينيات رغم انشغالاته الأخرى فى الصحافة والسياسة وغيرها"، مضيفا أن أعمال الكاتب الأدبية تعكس حرفيته وطول تجربته وسعته الثقافية.
وسجل الأشعرى أن المدينى هو "أديب لامس فى كتاباته القضايا التى عاشتها البلاد خلال فترته، فهو ينتمى إلى جيل من المثقفين المخضرمين الذين عاشوا وعايشوا التحولات السياسية والاجتماعية التى مر منها المغرب وعبروا عنها فى أعمالهم الأدبية"، مشيرا فى هذا السياق إلى أن مجموعة "العنف فى الدماغ" نسجت من خلال شخوصها وحكاياتها صورة للمديني، بما فى ذلك إحساسه وتوتره وفهمه الدقيق لهذا العالم.
من جهته، أكد الكاتب والناقد نجيب العوفى أن هذا الاحتفاء هو "مستحق لكاتب مغربى أبلى البلاء الحسن فى ساحة الأدب المغربى الحديث، فهو كاتب سبعينى عابر للأجيال، راكم أعمالا قصصية وسردية مهمة للغاية جعلت شعلة السبعينيات مستمرة وحاضرة لدى الأجيال الجديدة الحالية".
وأضاف العوفى أن المدينى وضع، من خلال مجموعة "العنف فى الدماغ"، إحدى اللبنات الأولى للحداثة القصصية المغربية فى فترة جد مبكرة، مشيرا إلى أن إصداره يعتبر فاتحة للموجة الحداثية المغربية على الصعيد السردى القصصي، مما جعلها تلقى إبانها صدى كبيرا، على الرغم من كونها لقيت فى الآن ذاته معارضة من طرف المحافظين على العرض السردى القصصى التقليدي.
وفى هذا السياق، أبرز الروائى عبد القادر الشاوي، الذى أشاد بدوره بالمكانة الأدبية التى يتبوؤها المدينى فى الساحة الوطنية والعربية والدولية، أن "العنف فى الدماغ" تمثل قفزة نوعية فى الكتابة القصصية أو السردية للمغرب المعاصر، وأنها أثارت ردود فعل عند صدورها، ولكن مع مرور الوقت أخذت حقها من النقد ومن الاهتمام من طرف نقاد الأدب بالمغرب.
وأضاف أن مؤلفات المدينى عامة تعتمد على تفجير اللغة وإبراز أسرارها، وأن قيمة هذه المؤلفات تنبثق من كونه أحد المتكلمين المتمكنين والحاذقين باللغة العربية، مؤكدا أن هذه المجموعة أثرت فى أجيال أخرى تجاوزت المكونات التقليدية والنمطية للقصة وجعلت الكتابة مندمجة تجمع بين الشعر والنثر والرواية والسينما والصورة.