تمر اليوم الذكرى الـ163 على إصدار الملكة فكتوريا أمراً بنقل حكم الهند من يد شركة الهند الشرقية البريطانية إلى يد الحكومة البريطانية، وبذلك أصبحت الهند رسمياً ضمن مستعمرات التاج البريطاني، وذلك فى 31 أكتوبر عام 1858م.
كان لشركة الهند الشرقية جيشها الخاص، ووصل تعداده إلى نحو 200 ألف جندي بحلول عام 1800، أي أكثر من ضعف الجيش البريطاني في ذلك الوقت. استخدمت الشركة قوتها المسلحة لإخضاع الولايات والمدن الهندية التي دخلت معها في البداية في اتفاقيات تجارية، لفرض الضرائب المدمرة، والقيام بعمليات النهب فرضتها عليها بشكل رسمي، وحماية استغلالها الاقتصادي لكل من العمالة الهندية الماهرة وغير الماهرة، لعب جيش الشركة دورًا سيء السمعة في الانتفاضة الهندية الفاشلة (التي يطلق عليها أيضًا التمرد الهندى) في الفترة من 1857-1858، والتي قاد فيها الجنود الهنود في الشركة تمردًا مسلحًا ضد ضباطهم البريطانيين، تلك الحركة التي سرعان ما لاقت دعما شعبيا باعتبارها حربا من أجل استقلال الهند.
خلال أكثر من عام من القتال، ارتكب الجانبان فظائع، بما في ذلك مذابح ضد المدنيين، رغم أن عمليات الانتقام التي ارتكبتها الشركة فاقت بكثير عنف المتمردين. أدى التمرد إلى الإلغاء الفعلي لشركة الهند الشرقية في عام 1858.
يقول كتاب (لماذا تفشل الأمم؟.. أصول السلطة والازدهار والفقر) لـ دارن اسيموجنو وجيمس أ.روبنسون: "كانت شركة الهند الشرقية الإنجليزية الوكيل الرئيسى الذى حملها إلى الجزر البريطانية، وقد تأسست هذه الشركة فى عام 1600 قبل عامين من نسختها الهولندية، وقد قضت القرن السابع عشر وهى تحاول إنشاء احتكار للصادرات القيمة من الهند، وكان عليها أن تتنافس مع البرتغاليين الذين أقاموا قواعد لهم فى بونديشيرى وشاندرناجور ويانام وكاريكال".
بينما يقول كتاب (الاستثمار المباشر على التنمية والتنمية المستدامة فى بعض الدول" لـ عدنان داوود): "بدأت المنافسة تحتدم بين التجار الأوروبيين ابتداء من القرن السادس عشر الميلادى، وذلك من أجل بسط السيطرة على النشاط التجارى ذى العائد المجزى الذى كان يقوم بين أوروبا وجزر الهند الشرقية. وقد أنشأت العديد من الشركات التجارية المجمعات السكنية فى الهند والتى أصبحت فيما بعد ثكنات عسكرية تهاجم المدن والبلدات الهندية وتستبيحها، وذلك بالتعاون مع أباطرة المغول. وبحلول القرن الثامن الميلادي وما تلاه أصبحت شركة الهند الشرقية البريطانية الجنسية أضخم قوة تجارية فى الهند. استطاعت شركة الهند الشرقية أن تبسط مظاهر النفوذ والسيطرة على المزيد من الأنحاء فى الهند.
وفى عام 1740 بدأت إمبراطورية المغول فى التفكك والانهيار، كما أن شركة الهند الشرقية، من خلال ذراعها العسكري، قد خاضت سلسلة من المعارك والمواجهات فى كل من البنجاب والسند، وذلك خلال الأربعينيات من القرن التاسع عشر، وم ثم استطاعت أن تضم هذه الأنحاء إلى مجموعة ممتلكاتها. فى العام 1858 قامت الحكومة البريطانية بالاستيلاء على شركة الهند الشرقية، ومنذ ذلك الحين أصبحت جميع الأراضي التى كانت تملكها شركة الهند الشرقية تعرف باسم الهند البريطانية أي أنها تحت حكم التاج البريطاني وليس حكم شركة تجارية بريطانية فحسب".