تمر اليوم الذكرى الـ182 على بدء حرب الأفيون التى أعلنتها بريطانيا على الصين، وهما حربان أطلق عليهما "حرب الأفيون" بين الصين الإمبراطورية المحكومة آنذاك من قبل سلالة تشينج وبريطانيا، وفى الثانية انضمت فرنسا إلى جانب بريطانيا، وكان السبب هو محاولة الصين الحد من زراعة الأفيون واستيراده، ما حدا ببريطانيا أن تقف فى وجهها بسبب الأرباح الكبيرة التى كانت تجنيها بريطانيا من تجارة الأفيون فى الصين.
حرب الأفيون الأولى 1840 - 1842
قررت بريطانيا التى كانت فى أوج قوتها العسكرية فى ذلك الوقت إعلان الحرب على الصين لفتح الأبواب من جديد أمام تجارة الأفيون للعودة من جديد، وبحث البريطانيون عن ذريعة لهذه الحرب فاستخدموا مبدأ "تطبيق حرية التجارة"، وفى ذلك الوقت كانت بريطانيا قد خرجت منتصرة على منافسيها من الدول البحرية فى حروب نابليون وقامت الثورة الصناعية فيها، وأصبحت الدولة الرأسمالية الأقوى فى العالم فلجأت إلى فتح أسواق لتصريف منتجاتها الصناعية والبحث عن مصادر رخيصة للمواد الأولية التى تحتاجها لصناعاتها. وكان النظام العالمى فى ذلك الوقت يقوم على مبدئين هما حرية التجارة ودبلوماسية السفن المسلحة. وأرسلت بريطانيا فى عام 1840م سفنها وجنودها إلى الصين لإجبارها على فتح أبوابها للتجارة بالقوة.
استمرت حرب الأفيون الأولى عامين من عام1840 الى عام1842 واستطاعت بريطانيا بعد مقاومة عنيفة من الصينيين احتلال مدينة "دينج هاى" فى مقاطعة شين جيانج واقترب الأسطول البريطانى من البوابة البحرية لبكين، ودفع ذلك الإمبراطور الصينى للتفاوض مع بريطانيا وتوقيع اتفاقية "نان جنج" فى أغسطس 1842.
وأهم ما تنص عليه هذه الاتفاقية هو تنازل الصين عن جزر هونج كونج لبريطانيا والتى أصبحت فيما بعد قاعدة عسكرية وسياسية لها، وتم فتح خمسة موانئ للتجارة البريطانية ودفع تعويضات لبريطانيين عن نفقات الحرب، وتحديد تعريفة جمركية على الواردات البريطانية باتفاق الجانبين، ما أفقد الصين سيادتها فى فرض الضرائب. كما نصت الاتفاقية على تطبيق نص الدولة الأولى بالرعاية فى التجارة.
وفى العام التالى، أجبرت بريطانيا الصين على توقيع ملحق لهذه الاتفاقية ينص بتحديد نسبة 5 % على الصادرات البريطانية إلى الصين، وتعتبر اتفاقية فان جينج بداية سلسلة من الاتفاقات غير المتكافئة والمهينة التى وقعتها الصين مع الدول الغربية فى ذلك الوقت.
حرب الأفيون الثانية 1856 - 1860
لم تحقق معاهدة "فان جنج" ما كانت تصبوا إليه بريطانيا والقوى الغربية، فلم يرتفع حجم التجارة مع الصين كما كانوا يتوقعون، والحظر على استيراد الأفيون ما زال ساريا، كما أن البلاط الإمبراطورى يرفض التعامل مباشرة معهم لذلك قدموا مذكرة بمراجعة الاتفاقات القائمة التى رفضها الإمبراطور، لذلك قررت بريطانيا وفرنسا استخدام القوة مرة أخرى ضد الصين وواتتهم الفرصة عند قيام السلطات الصينية فى "جوانج شو" بتفتيش سفينة تحمل العلم البريطانى واعتقال بحاريها وإنزال العلم ومقتل مبشر فرنسى، لشن حرب جديدة على الصين، استطاعت فيها القوات البريطانية والفرنسية دخول ميناء "جوانج شو"، والاتجاه نحو ميناء تيان القريب من بكين، ما جعل الإمبراطور يقبل مراجعة الاتفاقات وتوقيع اتفاقية (تيان جين) فى عام1858 بين الصين وكل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا والتى تعطى لهم مزيدا من الامتيازات من أهمها :
فتح خمسة موانئ جديدة للتجارة الدولية وتحديد الأفيون بصفة خاصة من بين البضائع المسموح باستيرادها، حرية الملاحة على نهر اليانج تسى كيانج، السماح بدخول المسيحية فى أرجاء الصين، ونصت اتفاقية تيان جن على التصديق عليها خلال عام من توقيعها.
وحين تأخرت الصين فى التصديق استخدمت بريطانيا وفرنسا القوة مرة أخرى لتحقيق ذلك واستطاعت قواتهما دخول "تيان جن" فى ربيع عام 1860 ثم تقدمت نحو بكين ودخلوها فى أكتوبر 1860 وتوجهوا إلى القصر الصيفى للإمبراطور الذى يبعد بضعة آميال عن بكين وكان هذا القصر يعتبر من أعظم وأفخم قصور العالم ويحتوى على آثار تاريخية هامة وقام الضباط البريطانيون والفرنسيون بنهب محتوياته لمدة أربعة أيام، وأضرموا فيه النار بعد ذلك، وعن هذه الحادثة كتب فكتور هوجو عن ذلك فقال "دخلت العصابتان البريطانية والفرنسية كاتدرائية آسيا، أحدهما قام بالنهب والآخر قام بالحرق، وأحد هذان المنتصران ملأ جيوبه والثانى ملأ صناديقه ورجعوا إلى أوروبا يدهم فى يد بعض ضاحكين.