فى كتاب الحجاب بين الأديان والحداثة والعولمة، للدكتورة هدى درويش، ترصد أستاذة مقارنة الأديان بجامعة الزقازيق، فلسفة الحجاب فى الفكر الإنسانى، وتتبع لمدى شرعنته فى الأديان السماوية الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلام، كما تتعمق الدراسة فى تاريخ الحجاب عبر الحضارات المختلفة القديمة والحديثة، فيتوقف عند الفراعنة والبوذيين والأشوريين، وفى الوقت نفسه يناقش طريقة الحداثة الغربية فى شن الحرب على الإسلام والربط بينه وبين الإرهاب.
وفيما يتعلق بالديانات السماوية الثلاثة، فالكاتبة تتعرض لفقه الحجاب فى اليهودية وما يجوز كشفه من الشعر فى الشرائع اليهودية، فالديانة اليهودية تعتد بالمحافظة على عفة المرأة وشرفها، وتشدد فى فرض الحجاب وتراه حشمة وسترا لها، بالإضافة إلى أن اليهودية تحذر المرأة من ارتداء ثياب الرجل، وتحظر على الرجال ارتداء ثياب النساء، وكل من يفعل ذلك يصبح مكروها لدى الرب.
كما أجمع فقهاء اليهود على حرمة كشف المرأة اليهودية شعرها كاملا خارج بيتها، وإن كان يوجد اختلاف بين فقهائهم فى طريقة ارتداء الحجاب وهى غالبا ما تتأثر بالتغيرات الاجتماعية السائدة، وأشارت هدى درويش إلى أن اليهودية كانت تحظر الحجاب على العاهرات وتمنعهن من ارتدائه.
كما رصد الكتاب دعوة الدين المسيحى المرأة للالتزام بكل ما يوجب احتشامها واحترامها، وفرض عليها سلوكا أخلاقيا ملزما لكل سيدة متدينة تقية، وتنظر المسيحية إلى غطاء الرأس، على أنه الأصل كما كان يفعلن الراهبات منذ مئات السنين بتغطية رأسهن، وتمسكهن بالاحتشام من الرأس حتى القدمين.
وتعرض الكتاب لفقه الحجاب فى التيارات المسيحية أو ما يسمى غطاء الرأس، والعقوبات التى تصيب المرأة المسيحية فى حال كشف رأسها خلال الصلاة، وإجماع آباء الكنيسة على فريضة الحجاب.
وتطرقت هدى درويش إلى عقوبات كشف الرأس فى المسيحية، خاصة التى تصلى ورأسها مكشوف، فعليها أن تقصه أو تحلقه، لأنها إن لم تفعل فقد اقترفت ذنبا شنيعا، والمرأة التى لا تريد أن تتغطى فكأنها تريد أن تكون رجلا.
وخصصت الكاتبة ملفا كاملا حول الحجاب فى الإسلام، والذى اهتم بالمرأة وجعل لها مكانة سامية فى المجتمع التى تعيش فيه، وتحيط بنفسها بسياج العفة والطهارة لتستحق المكانة التى وضعها الله فيها، ووضع الإسلام أحكام التستر تتمثل فى إدناء الثياب صيانة وحماية لها، وآداب التزين بغض البصر وحفظ الفروج، والنهى عن اختلاء الرجل بالمرأة إلا فى الأمور الجادة الهادفة مع التحفظ على غض البصر واتقاء الفتنة وحدود الاحترام الواجب.
وأوضحت المؤلفة من خلال كتابها، أن العولمة الغربية رفضت أشكال الحجاب، وتصدى الغرب لحجاب المرأة المسلمة باعتباره مظهرا إسلاميا يجب حظره، غير عابئين بمبادئ الدين وأساسياته وأخلاقه، مضيفة أن المرأة المسلمة فى المجتمع الغربى بالقرون الوسطى كانت تعامل كأنها مخلوق من المرتبة الثانية، فحرم الطالبات من الاشتراك فى أندية الطلاب واتحادات الطالبات، حتى أن شدة الهجوم والمواجهة زادت للمرأة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.