نلقى الضوء على كتاب "الرياضة.. والقوة الناعمة المصرية" لـ الدكتور محمد نصر الدين رضوان، الذى يهتم بدور تنظيم البطولات الرياضية فى تقديم صورة إيجابية عن الدولة على المستويات المتعددة سواء اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية.
يقول الكتاب:
شهدت العقود الثلاثة الأخيرة تزايد الأهمية السياسية للرياضة فيما بين جميع الحكومات بأشكالها ونظمها السياسية والاجتماعية المختلفة، حيث كانت هذه الحكومات ترى أن الرياضة وسيلة غير مكلفة نسبيًا فى تحسين صورة الأمة ومصداقيتها ومكانتها بين الدول، كما تظهر القدرة التنافسية لاقتصادها وفى قدرتها على ممارسة دورها على المسرح الدولي.
ولقد أدت هذه النظرة إلى حرض دول على استضافة الألعاب الأوليمبية رغم التكاليف الضخمة التى تطلبها تنظيم هذه الدورات، فقد انفقت أستراليا 3 بليون دولار لتنظيم دورة سيدنى 2000، وأنفقت اليونان 4.6 بليون يورو لتنظيم دورة أثينا 2004، وأنفقت الصين 20 بليون دولار لتنظيم دورة بكين 2008 وهو ما يعزز حرص الدول على استضافة الأحداث الرياضية الكبرى مهما كانت تكاليف استضافة تلك الأحداث.
ومن الملاحظات المهمة فى هذا الموضوع، أن استضافة الأحداث الرياضية الكبرى مثل كأس العالم لكرة القدم والألعاب الأوليمبية (كان قاصرًا بشكل رئيسى على دول أوروبا الغربية الثرية، إلا أن بعض الدول النامية الكبيرة Large developing States قد قررت الدخول فى هذه المعركة التى عرفت باسم الأحداث الدولية من الدرجة الثانية والتى تتضمن منافسات مثل ألعاب الكومنولث وغيرها، وكان ذلك من أجل التنافس للحصول على فرص للاستفادة المادية وتحقيق الهيبة والمكانة.
ولقد أظهرت البحوث العلمية التى تناولت الصلة بين الأحداث الرياضية والخدمات الاجتماعية والتغير الاقتصادى أن استضافة الأحداث الرياضية الكبرى كان يتطلب إعداد جيل جديد من اللاعبين هم الذين تنافسوا فى دورة الألعاب الأوليمبية فى الصين عام 2008، وفى ألعاب دول الكومنولث فى الهند عام 2010، وفى البرازيل فى بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2014، وفى دورة الألعاب الأوليمبية عم 2016، وفى بطولة كأس العالم لكرة القدم المزمع تنظيمها فى دولة قطر عام 2022، فقد كانت كل تلك الأحداث الرياضية الكبرى من الأهمية بم كان من حيث زيادة اهتمام هذه ال دول بالرياضة وبخاصة فيما يتعلق بالمنشآت وتقديم الرعاية الاجتماعية والفنية والصحية لإعداد جيل من اللاعبين للاشتراك فى تلك الأحداث الرياضية المهمة.
ومن ناحية أخرى فقد لوحظ أن "القوى الناشئة" كالصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا أصبح لها دور مؤثر فى مجال الاقتصاد العالمى حيث يتوقع أن تصبح البرازيل رابع أكبر اقتصاد فى العالم بحلول عام 2030، بعد الولايات المتحدة والصين والهند، ويرى المحللون أن القوة التنافسية لهذه الدول سوف يكون لها دور فعال فى النظام العالمي، هذا الدور بدا جليًا عند استضافة تلك الدول الأحداث الرياضية الكبرى، حيث يلاحظ أنه بالنظر إلى قائمة الدول التى استضافت الألعاب الأوليمبية وكأس العالم لكرة القدم فى القرن الواحد والعشرين قد تحول بعيدًا عن دولة الغرب التقليدية إلى دولة الجنوب.