صدر حديثًا عن دار مينا للنشر، بالولايات المتحدة الأمريكية، للكاتب الدكتور خالد الجابر روايته الأولي "ملكوينا"، والتي تستلهم تاريخ العرب والمسلمين فى الأندلس، لتضيء من خلاله سردية معاصرة حول إشكالية التجزئة والتعبئة والتخندق والانقسام.
تتماهى الحبكة الروائية في "ملكوينا" مع سردية التاريخ الأندلسي وارتداداته، وتستعرض صور الفتن والصراعات والحروب بين الأمراء في الإمارات الأندلسية، وتحمل الكثير من الإسقاطات على الحاضر وتجلياته وشخوصه، حيث تتناول قصة حصار إمارة «مَلَكَة» من قبل الإمارات الثلاث التي تحيط بها.
في الرواية الكاتب ماضي أمته، بكل ما حمله من نجاحات وإخفاقات، انطلق منها ليستحضر تاريخ الأندلس، والذي استمر حكم المسلمين لها قرابة ثمانية عقود، تسيدوا فيها شبه الجزيرة الإيبيرية، بفضل حكمهم الذي اتسم بالعدل والانفتاح والاهتمام بالعلم والبناء، فأقاموا فيها حضارة، أصبحت وجهة للعلم والعلماء، ومنبعًا للثقافة والاقتصاد، وفردوسًا لكل الحالمين بالعيش الرغيد، وظلت الأندلس على هذه الحالة إلى أن بدأ عصر الطوائف والمماليك، والذي حل معه عهد الاضطرابات والفتن، فبدأ حكم المسلمين في الضعف والذبول، هذا التاريخ بكل ما حفل به من أحداث، وما شهده من ظهور لشخصيات، كان حاضرًا في سردية "ملكوينا"، حيث حرص المؤلف على رصدها عبر حبكة روائية مترابطة ومتناغمة، معتمدًا على عدد وافر من الشخصيات.
ويجد المتلقي للرواية، أنها أشبه بواقع معاش، وليست فقط سردًا لتاريخ مضى، يشاهد آثاره، ويكتوى بتداعياته، وكأن الكاتب يخاطبه بطريقة البناء السردي بأن هذا الواقع ما هو إلا امتداد لسياق تاريخي، وأن جذوره إذا كان لها أصل في الماضي، فإن فروعه في الواقع حاضرة، وليست عنه ببعيد. فعلى الرغم من أن الرواية تسرد أحداثا مضت وانقضت، من خلال حكاية يرويها أبو عبد الله الأشبيلي، إلا أن القارئ يستطيع بيسر وسهولة إسقاط مصائر الأمكنة والشخصيات على الأحداث المعاصرة.